خيانة الشرعية.. الدوران في دائرة السلام المفرغة
رأي المشهد العربي
أثبتت جهود السلام المتعددة في اليمن خلال السنوات الماضية أن الشرعية الإخوانية لديها هدف أساسي تحاول تحقيقه وهو إفشال أي اتفاقات من شأنها التمهيد للوصول إلى حل سياسي، وأنها تستخدم أساليب وأدوات مختلفة في كل مرة للتغطية على خيانتها، ولا يوجد فروق كبيرة بين مواقفها من السلام وبين موقف المليشيات الحوثية المدعومة من إيران التي تكون أكثر صراحة في رفضها أي مبادرات سلمية.
في اتفاق ستوكهولم الذي وقعته مع المليشيات الحوثية غضت الشرعية الطرف عن ممارسة أي ضغوط سياسية من شأنها تنفيذ بنوده، بل أن موافقتها منذ البداية على الدخول في مفاوضات السويد استهدفت تقديم هدية مجانية للعناصر المدعومة من إيران التي كانت قاب قوسين أو أدني من خسارة كافة مواقعها في الساحل الغربي، ثم تركت المجال مفتوحًا أمام التهرب من الاتفاق واكتفت بإصدار بيانات إدانة لا فائدة منها أمام خروقات المليشيات الحوثية اليومية في محافظة الحديدة.
في هذا الاتفاق استخدمت أسلوب مخادع لإفشال السلام بصمتها وتغاضيها عن الممارسات الحوثية في الوقت الذي قامت فيه بتمهيد الطريق أمامها لتوصيل الدعم اللازم من محافظات الشمال إلى الساحل الغربي بعد أن جمدت المعارك شمالا وساهمت في أن توجه المليشيات ثقلها العسكري إلى جبهة الحديدة التي أضحت بمثابة متنفس لإيران وأذرعها الإرهابية من خلال ميناء الحديدة الذي تستخدمه كمنفذ لتهريب الأموال والأسلحة.
لم يختلف الوضع كثيرا بالنسبة لاتفاق الرياض الذي استخدمت خلاله الشرعية كافة الأدوات والأساليب التي تهدف لإفشاله وخاضت معارك ضارية ضد القوات المسلحة الجنوبية للانقضاض على الاتفاق وعدم السماح بتنفيذ بنوده على الأرض ولم تجد غضاضة في أن تتحالف مع المليشيات الحوثية لإفشال مساره السياسي وبدت بصماتها واضحة على الحادث الغادر الذي استهدف مطار عدن أثناء وصول حكومة المناصفة قبل أن تعمل على تجميد عملها وتدفع الوزراء التابعين لها للهروب من عاصمة الجنوب.
مساعي الشرعية لإفشال اتفاق الرياض تعود لأنها ترفض توجيه سلاحها إلى المليشيات الحوثية وتستهدف الاستمرار في ممارساتها الاحتلالية ضد الجنوب لاستنزاف ثرواته وتحقق هدفا طالما سعت إليه يتمثل في توجيه ضربات غير مباشرة إلى التحالف العربي ودول الاعتدال العربي التي تواجه مشاريع إيران وتركيا في المنطقة.
تتفنن جماعة الإخوان الإرهابية المسيطرة على الشرعية في إفشال أي جهود من شأنها الوصول إلى حل سياسي، سواء كان ذلك من خلال جرائمها التي ترتكبها وتتورط فيها بشكل مباشر وواضح للعيان، أو عبر تهيئة البيئة المواتية أمام المليشيات الحوثية لتتولى هي الأخرى مهمة إجهاض أي مبادرات سلمية وفي كلا الحالات فإن النتيجة واحدة وهي إطالة أمد الصراع وتنفيذ مؤامرات وأجندات معادية تجد في الفوضى ملاذات آمنة لدعم تمددها واختراقاتها للبلدان العربية.
ليس من المتوقع أن تُغير الشرعية الإخوانية من سلوكها طالما ممارساتها وخطواتها نحو إفشال السلام ظلت بعيدة عن أعين المجتمع الدولي، وطالما الأمم المتحدة تتعامل معها باعتبارها طرفًا معاديًا للمليشيات الحوثية، لأن هذه الرؤى القاصرة تسمح بمزيد من المراوغات التي تجيدها الشرعية وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي تعتمد على تجارة الحروب للحفاظ على تواجدها.