السلام الضائع: ذبيح يتفرق دمه بين الشرعية والحوثي
رأي المشهد العربي
مازال السلام في اليمن حائرا يراوح مكانه منذ اندلاع الحرب الحوثية قبل سبعة أعوام، بالرغم من أن جهود الوصول إليه وتحقيقه لا تتوقف على مستويات إقليمية عديدة.
الحديث عن "السلام الضائع" أصبح متداولا بشكل يومي على طاولة المباحثات الدبلوماسية بين الأطراف المعنية، فالجميع يدور في دائرة مفرغة لا نهاية لها في ظل تعنت الحوثيين، المدعومين من إيران، من ناحية، ورفض الشرعية الإخوانية الإرهابية إنهاء الصراع القائم من ناحية أخرى، واسمترار تواطؤ الطرفين بهدف تحقيق المصالح الخاصة.
جملة من الوقائع المهمة تبرهن على أن الحوثي والشرعية يسيران عكس الطريق المؤدي إلى السلام، ولا يتوقفان عن ممارسة الانتهاكات بحق المدنيين الأبرياء، ويستمران في تصعيد العمليات الإرهابية والعسكرية في مناطق متفرقة، ويمضيان في تعزيز تعاونهما مع أطراف إقليمية لديها رغبة في إطالة أمد الأزمة الراهنة، ويدحضان أي جهود من جانب التحالف العربي والقوى الدولية من شأنها وقف الحرب والانخراط في مباحثات سياسية تفضي إلى السلام والاستقرار.
الشرعية الإخوانية أفشلت اتفاق الرياض الذي استهدف حصار المليشيات الحوثية وإرغامها على السلام، ولم تكتف بذلك بل أضاعت مزيدا من الوقت حتى مكنت العناصر المدعومة من إيران من السيطرة على غالبية مناطق الشمال، ووظفت توجيه الضغوطات عليها للالتزام بالاتفاق لغض الطرف عن عمليات تسليم وتسلم الجبهات التي حدثت في محافظات الشمال ووصلت إلى حد عدم ممانعتها في تسليم معقلها الرئيسي (مأرب) إلى العناصر المدعومة من إيران.
والشرعية الإخوانية تقوض جهود السلام من خلال تسليم أسلحتها إلى المليشيات الحوثية، وتفريغ ما يسمى "قوات الجيش" من العناصر التي لديها خبرات عسكرية، واستبدالها بمليشيات إخوانية ليس لديها القدرة على مواجهة الحوثيين، ودفعت بهذه العناصر إلى محافظات الجنوب بدلا من تركهم في الشمال لمواجهة الإرهاب المدعوم من إيران، وأفشلت جهود التحالف العربي لتوجيه سلاحها باتجاه المليشيات الحوثية، وأصرت على أن تفتح جبهات جديدة في الجنوب لتخفف أي ضغوطات يتعرض لها الحوثي في الشمال.
وأفشلت الشرعية الإخوانية معركة تحرير الحديدة، ودعمت سيطرة المليشيات على جبهة الساحل الغربي بعد أن تمسكت بوقف العمليات العسكرية، وطالبت على غير عادتها بالجلوس على طاولة مفاوضات مع الحوثيين، وهو ما منح إيران وأذرعها الإرهابية القدرة على التقاط الأنفاس ولملمة الصفوف من جديد بعد أن كانت قاب قوسين أو أدني من خسارة مواقعها في الساحل الغربي، الأمر الذي نتج عنه استمرار تهريب الأسلحة الإيرانية، ووصول الإمدادات الاقتصادية إلى المليشيات الحوثية من خلال ميناء الحديدة.
يمكن القول بأن الشرعية الإخوانية قامت بدور جهاز التنفس الصناعي الذي يحافظ على بقاء الحوثي على قيد الحياة، وشاركت بفاعلية في إفشال جهود السلام، لأنها لم تحقق الضغط المطلوب على العناصر المدعومة من إيران لحثها على القبول بالمفاوضات، في حين أنها بعثت إليها رسائل عديدة مفادها أنها توافق على إطالة أمد الصراع وليس لديها الرغبة في إسكات أصوات البنادق والمدافع في الأمد القريب.
لا تختلف جرائم الحوثي لإفشال السلام كثيرا عما قامت به الشرعية الإخوانية، إذ أن العناصر المدعومة من إيران تستمر في ارتكاب الانتهاكات ضد الأبرياء، وتُصعد عملياتها الإرهابية ضد المملكة العربية السعودية، وترفض كافة المبادرات التي قدمتها إليها أطراف دولية عديدة سعت لوقف إطلاق النار تمهيدا للحل السياسي، وترهن قرارها بيد إيران التي لديها رغبة في استمرار الحرب لحصد أكبر قدر من المكاسب عبر المفاوضات التي تجريها مع الولايات المتحدة بشأن ملفها النووي.