مجاميع القاعدة.. خطة الشرعية لتهديد الجنوب أمنيًّا وإرهاقه اقتصاديًّا وتغييره ديمغرافيًّا

الجمعة 17 سبتمبر 2021 16:33:54
"مجاميع القاعدة".. خطة الشرعية لتهديد الجنوب أمنيًّا وإرهاقه اقتصاديًّا وتغييره ديمغرافيًّا

فرضت التطورات الأمنية المتلاحقة، منذ تمدد المليشيات الحوثية صوب الجنوب، في أعقاب خذلان مارسته مليشيا الشرعية الإخوانية، تحديات أمنية ومجتمعية، تتعلق بعناصر إرهابية أُفسِح المجال أمام اختراقها للجنوب.

فمنذ سيطرة المليشيات الحوثية على مركز الصومعة في محافظة البيضاء هذا الأسبوع، سمحت مليشيا الشرعية لعناصر القاعدة التابعة لها، بالتوجه صوب الجنوب، بما يمثّل تهديدًا صارخًا على في الفترة المقبلة.

عناصر القاعدة جاءت من بعض مناطق محافظة البيضاء إلى جانب مناطق جبلية محاذية لمحافظة شبوة وأبين، أفسحت مليشيا الشرعية الطريق أمامها للانتقال أولًا إلى مدينة عتق بمحافظة شبوة، ومنها إلى محافظة أبين، فيما من المُرجّح بقوة أن تستقر هذه العناصر خلال الأيام المقبلة في العاصمة عدن ومحافظة لحج.

ويرجع سهولة دخول هذه العناصر الإرهابية وانتشارها في الجنوب، هو حجم النقاط العسكرية التابعة لمليشيا الشرعية، والمنتشرة على وجه التحديد في محافظة شبوة، وقد كان من المفترض سحب هذه النقاط العسكرية وتولي النخبة الشبوانية زمام فرض الأمن في المحافظة وذلك وفقًا لما نصّ عليه اتفاق الرياض الموقع في نوفمبر 2019، إلا أنّ الشرعية لم تنفّذ الشق العسكري من الاتفاق.

وليس من قبيل الصدفة أن تكون وجهة عناصر القاعدة هي عدن ولحج، وذلك لاعتبارهما من أكثر المناطق التي تقيم فيها عناصر شمالية، انتشرت في الجنوب من منطلق هجرة اقتصادية، لتمارس ما يمكن اعتباره استيطانًا على الأرض.

الزج بعناصر القاعدة وسط المجتمع الجنوبي سيكون أمرًا شديد الخطورة، وذلك بالنظر إلى حجم التهديدات على كافة الأصعدة، والخطر المتفاقم الذي يُشكله وجود هذه العناصر التي تتبع الشرعية.

أمنيًّا، تملك الشرعية الإخوانية باعًا طويلة فيما يخص توظيف هذه العناصر في تنفيذ عمليات إرهابية، وقد شهدت أكثر من منطقة بالجنوب، بما ذلك العاصمة عدن، عمليات إرهابية نفّذها عناصر تنظيم القاعدة، حشرتهم الشرعية وسط الجنوب.

الأخطر من ذلك، أنّ الشرعية تعمل على منح عناصر القاعدة صبغة رسمية، وذلك عبر إلحاقها بما تعرف بـ"الألوية الرئاسية"، وهي كتائب مليشياوية تتبع الشرعية، ونفّذت الكثير من العمليات الإرهابية ضد الجنوب.

وما تعرف بـ"الألوية الرئاسية" التي تمّ إنشاؤها في أغسطس 2012، يقودها ناصر نجل "المؤقت" عبد ربه منصور هادي، ويشرف عليها الإرهابي العجوز علي محسن الأحمر، علمًا بأن ولاء هذه الألوية يتبع حزب الإصلاح الإخواني، وتوظِّف في شن الإرهاب ضد الجنوب.

مخاطر انتشار عناصر القاعدة وسط التكدسات البشرية في الجنوب لا تقتصر على الوضع الأمني، على الصعيد الخدمي فإنَّ تمثّل العناصر الشمالية عبئًا كبيرًا على الجنوب، الذي يعاني في الأساس من حرب خدمات يتعرض لها منذ فترة طويلة.

من بين الأزمات التي يتوقع تفاقمها هي نقص الكهرباء، فالخدمة كانت بالكاد تكفي الجنوبيين في عدن، وبالتالي فإن إرهاق العاصمة بالمزيد من التكدسات البشرية أمرٌ يمثّل عبئًا كبيرًا على هذه المنظومة.

الوضع نفسه يتعلق بـ"المياه"، فالكميات المتوفرة لا تناسب قدر التجمعات البشرية التي تتدفق إلى العاصمة، علمًا بأن نقص المياه في أي مجتمع يمثل باكورة إنذار بأن هذه المنطقة على وشك التعرض لخطر انتشار الأوبئة والأمراض التي قد تنجم عن سوء منظومة النظافة أيضًا.

يُشير ذلك بكل وضوح، إلى أن مساعي الشرعية لتغيير التركيبة الديمغرافية للجنوب عبر إغراق أراضيه بتكدسات بشرية أمرٌ ستكون كلفته كبيرة على كل الأصعدة، بما يُشكّل جرس إنذار كبيرًا يستدعي التدخل الحاسم الحازم لمواجهة هذه المخاطر المحدقة.