وصية عبد الملك حميد.. كلمات وثّقت وجع المظلومين من قهر الحوثيين

الأحد 19 سبتمبر 2021 11:13:16
 وصية عبد الملك حميد.. كلمات وثّقت وجع المظلومين من قهر الحوثيين

لم يكن إعدام عبدالملك حميد من قِبل الحوثيين، فيما تسميها قضية اغتيال الصماد، كما سبقها من عمليات إعدام دأبت عليها المليشيات، فوصية كتبها المغدور إعدامًا كانت كفيلة بإحداث ثورة غضب عارمة ضد الإرهاب الحوثي.

المليشيات الحوثية أعدمت أمس السبت، تسعة أشخاص رميًّا بالرصاص في ميدان التحرير وسط محافظة صنعاء، بعدما كالت لهم اتهام بالتورط في قتل صالح الصماد الذي كان يرأس ما يُعرف بـ"المجلس السياسي الأعلى"، في 2018.

الأشخاص التسعة الذين جرى إعدامهم، هم بين 16 شخصًا اتهموا في القضية، علمًا بأن الحكم صدر من محكمة حوثية في 24 أغسطس الماضي، وذلك بمعاقبتهم بالإعدام حدًا وقصاصًا وتعزيرًا.

وهؤلاء التسعة هم عبد الملك أحمد حميد، علي علي القوزي، محمد خالد هيج، محمد إبراهيم القوزي، محمد يحيى نوح، وإبراهيم محمد عاقل، ومحمد محمد المشخري، ومعاذ عبد الرحمن عبد الله، وعبد العزيز علي الأسود، علمًا بأنَّ هذا الأخير يبلغ من العمر 17 عامًا.

حدة الغضب من جريمة الإعدام زادت بشكل ملحوظ، بعد نشر وصية لعبد العزيز حميد، كتبها قبل ساعات فقط من تنفيذ الحكم، وانتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، يوثّق فيها تعرُّضه للظلم والقهر في قضية لم يفكر فيها من الأساس حتى صدور الحكم الذي وصفه بالظالم.

وصية عبد العزيز تضمّنت رسالة مؤثرة لأسرته، قال فيها: "ارفعوا رؤوسكم، هكذا حكم الله وقدر لي أن أستشهد ظلمًا وعدوانًا، فلقاء الله حق.. سأخاصم كل من ظلمني وعذبني وحكم عليا ظلمًا لإرضاء الآخرين.. أعلم أنّ الموت حقٌ علينا جميعًا والشهادة عز لكل مظلوم، وأسأل الله أن يثبتنا في الحياة الدنيا وفي الآخرة وإنا لله وإنا إليه راجعون".

الحلقة الأكثر ألمًا في قصة عبد العزيز تتمثل في أطفاله الذين افتقدوا والدهم بسبب الظلم والقهر الحوثي، فقال عنهم: "أوصيكم جميعًا في أطفالي الصغار في تعليمهم وفي حسن تربيتهم وفي بناتي وأوصي أولادي وبناتي في البر بأمهاتهم جميعًا"

كما مضى في رسالته قائلًا: "أوصي الجميع بطاعة أخواني وأخواتي والبر بهم كما تبرون بي..كما أوصي أبنائي وبناتي جميعًا بالمحافظة على الأخوة بينهم والمحبة الصادقة، فمن أحبني أحب إخوانه جميعا تقديرًا لي".

وصية عبد العزيز حميد كانت سببًا في احتداد لهيب الغضب ضد الملشيات الحوثية، وما تمارسه من انتهاكات تُوصف بأنها شديدة البشاعة، علمًا بأن التوسع في أحكام الإعدام يُمثّل أحد صنوف ما يسميه محللون القمع الحوثي للسكان في مناطق سيطرتها.

يقول محللون أيضًا إن محاكمة الأشخاص التسعة في قضية مقتل الصماد لم تستوفِ الشروط القانونية، وذلك تكرارًا لما يحدث في كل المحاكم التابعة للحوثيين والتي توظّفها المليشيات في إصدار أحكام قضائية تُوصف بـ"الجائرة" ضد القاطنين في مناطق سيطرة المليشيات.

كما أكّد محامون، أن المليشيات الحوثية عقدت هذه المحاكمة بشكل سري، وحرمت المتهمين من الدفاع عن أنفسهم، فضلًا عن أن الحكم الحوثي شمل أيضًا مصادرة ممتلكات المحكومين.

الخروقات التي ارتكبها الحوثيون في هذه القضية، بدأت من اعتقال المحكومين وحجز حرياتهم وإخفائهم قسرًا في أماكن غير معلومة لأشهر عديدة دون معرفة أحد بما في ذلك أقربائهم وذويهم بمصيرهم، ولا أماكن احتجازهم المخفين.

كما انتهكت المليشيات الحوثية، حقوق الإنسان من خلال منع وحرمان من أي زيارة لهم أو تمكينهم من الاتصال وإبلاغ أي من أقربائهم أو من يرونه بما تعرضوا له، بالتزامن مع معاملة غير إنسانية وإيذاء مادي ومعنوي.

في الوقت نفسه، عملت المليشيات الحوثية على التضييق على المحكومين وممثلي دفاعهم الذين لم يمكنوا من حقهم في الدفاع، إذ فاجأتهم المحكمة الابتدائية (التابعة للحوثي) بأن أمامهم ثلاث جلسات متتالية فقط خلال أسبوعين فقط.

وعندما طالب المتهمون برد القاضي جرّاء ذلك الإخلال المتعمد بحق الدفاع وجراء إصداره قرارًا بتغيير الدعوى والإدعاء بوقائع وأفعال خلافاً لقرار الاتهام، حجز القضية للحكم قبل أن يقدم المتهمون وممثلو دفاعهم أي مذكرة دفاع يتمكنوا من تقديم أدلة دفاعهم.

بدورها، أصدرت العشرات من المنظمات الحقوقية بيانات إدانة للجريمة الحوثية، واتهمت المليشيات المدعومة من إيران مجموعة من الاتفاقات الدولية التي تجرم أي اعتداء على الأفراد أو تهديد حياتهم، كما تُجرّم الإعدامات خارج إطار القانون.