الحرب الحوثية.. العالم يوثّق المأساة والشرعية تنغمس في الخيانة
فيما تشير الإحصاءات الصادرة عن المنظمات الأممية، إلى بلوغ الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب الحوثية حدًا لم يعد يُطاق، لا يبدو أن الشرعية تولي اهتمامًا، بل توسع دائرة النفوذ للمليشيات الإرهابية المدعومة من إيران.
ففي توقيت متزامن، وثّقت تصريحات وبيانات مسؤولين أممين ومنظمات دولية، حجم الكارثة الإنسانية، فالمنظمة الدولية للهجرة تقول إنّ ملايين الأرواح لا تزال معرضة للخطر بسبب نقص التمويل، وناشدت بتوفير 170 مليون دولار خلال العام الجاري لتلبية الاحتياجات المتزايدة للنازحين والمتضررين.
المنظمة قالت في تقرير، إنّ ما تم تقديمه من هذا التمويل هو النصف فقط حتى الآن، في الوقت الذي تم تمويل خطة الاستجابة الأممية والبالغة 3.85 مليار دولار، بنسبة 50 % فقط.
حذّرت المنظمة من أنه بدون تمويل إضافي قد تضطر المنظمات العاملة هناك إلى تقليل العمليات بشكل كبير، وهو الأمر الذي سيترك عشرات الملايين من الأشخاص بدون طعام وماء ورعاية صحية أو ما يمكن الاعتماد عليه للحصول على قوت يومهم.
رقميًّا، تقول المنظمة إنّ الوضع مروع بالنسبة لأكثر من 20 مليون شخص تضرروا من الأزمة، في الوقت الذي يوجد ما يقرب من 5 ملايين شخص على شفا المجاعة مرة أخرى.
تحدّثت أيضًا عن نزوح 4 ملايين شخص، إلى جانب 32 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل ويتعرضون لخطر الاستغلال وسوء المعاملة، فضلًا عن أنّ المجالات الحرجة للاستجابة لا تزال تعاني من نقص حاد في التمويل.
في الوقت نفسه، قال منسق الإغاثة الإنسانية التابع للأمم المتحدة مارتن جريفيث، خلال فعالية جانبية رفيعة المستوى على هامش الدورة الـ76 للجمعية العامة، إن الأزمة تتواصل بلا هوادة، مع نزوح آلاف الأشخاص، فيما يقف الملايين على بعد خطوة من المجاعة، بالتزامن مع دخول الحرب عامها السابع.
جريفيث قال خلال الاجتماع الذي عقد تحت عنوان "اليمن: الاستجابة للأزمات ضمن أكبر أزمة إنسانية في العالم"، إن الاقتصاد وصل إلى أعماق جديدة من الانهيار، كما أن موجة ثالثة من جائحة كورونا تهدد بانهيار نظام الرعاية الصحية الهش.
كما طالب منسق الإغاثة، قادة العالم بمواصلة دعم العملية الإنسانية بسخاء، واحترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، ومعالجة الأسباب الجذرية للأزمة، بما في ذلك القيود على الواردات، والتي ترفع أسعار السلع الأساسية.
توثيق آخر لهول الأزمة وأعبائها صدر على لسان هنرييتا فور المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، التي قالت إنّ العنف والدمار يتسبّبان في إحداث دمار في حياة الأطفال وأسرهم.
المسؤولة الأممية صرّحت بأن هناك 1,7 مليون شاب نازح و11,3 مليون شاب يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، و2,3 مليون دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، بينهم نحو 400 ألف شخص معرضون لخطر الموت الوشيك.
في السياق، أوضح المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي، أنّ هناك حاجة إلى حصص غذائية بمقدار 12,9 مليون دولار، فيما يحتاج 3,3 مليون طفل وامرأة إلى تغذية خاصة، بالإضافة إلى 1,6 مليون طفل في المدارس، فيما يسير 16 مليون شخص نحو المجاعة.
مع وفاة ألف شخص أسبوعيًّا بسبب نقص الغذاء والتغذية، حذر المسؤول الأرفع في برنامج الأغذية العالمي، من أنه إذا لم يتم الحصول على 800 مليون دولار في الأشهر الستة المقبلة، فإنّ الحاجة إلى خفض الحصص الغذائية قد تؤدي إلى وفاة 400 ألف طفل دون سن الخامسة العام المقبل.
تكشف كل هذه المعلومات والبيانات والتحذيرات هول الأزمة الإنسانية التي خلّفتها الحرب الحوثية التي دخلت عامها السابع، ولا يلوح في الأفق إطارٌ لحلها قريبًا.
وفيما يتحمل الحوثيون مسؤولية مباشرة عن تردي الأوضاع الإنسانية وبلوغها هذا الحد، فإنّ الشرعية نفسها تتحمل قدرًا مماثلًا، ليس فقط لأنّها تآمرت في 2014، عندما هرب جنرال الإرهاب علي محسن الأحمر على رأس منطقته العسكرية المدججة من صنعاء، تاركًا لـ 20 طقمًا حوثيًّا فرصة السيطرة عليها وصولًا إلى ما وصلت إليه الأمور الآن.
لكن الشرعية تواصل مسلسل تآمرها، إذ تنسحب من مواقعها لتمنح الحوثيين فرصة ذهبية للتمدد ضمن تنسيق مشترك فيما بينهما، وقد حدث ذلك في الأيام الماضية في محافظتي البيضاء ومأرب، وهو سيناريو مشابه لما جرى في شبوة أيضًا، وقاسمه المشترك هو التمدد الحوثي على الأرض.