تحليل: قمة بوتين...بن زايد, نتائج ملموسة وآفاق واعدة

الأحد 16 أكتوبر 2022 23:05:00
تحليل: قمة بوتين...بن زايد, نتائج ملموسة وآفاق واعدة

نتائج زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لروسيا ظهرت جليا في اللقاء الذي جمعه والرئيس فلاديمير بوتين.

تركزت هذه النتائج في أربعة الرئيسية هي: ملف العلاقات الثنائية بين البلدين، وملف الأزمة الأوكرانية، وملف الطاقة وملف العلاقات الشخصية بين الرئيسين .

ورغم عدم ارتباط الملفات الأربعة ببعضها بشكل مباشر، فإن نتائج الزيارة في كل ملف كان لها أثرها على الآخر.

العلاقات الثنائية.. آفاق واسعة:

على صعيد تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، بحث الرئيسان مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين البلدين.

أكد الرئيس الروسي أن العلاقات الثنائية مع الإمارات تتطور بنجاح.بدوره، عبر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بلغة الأرقام عن مدى التطور الذي شهدته علاقات البلدين، مشيرا إلى أن التبادل التجاري بين البلدين تضاعف من 2.5 إلى 5 مليارات دولار.

وتعد تلك هي أول زيارة يقوم بها رئيس دولة الإمارات إلى روسيا منذ توليه مقاليد الحكم في 14 مايو/أيار الماضي.وهي العاشرة التي تجمع الزعيمين منذ تولي بوتين رئاسة روسيا عام 2012 (الفترة الرئاسية الثالثة.

الأزمة الأوكرانية:

أبدى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، مسعى للاضطلاع بدور في الدفع بحل سلمي للأزمة الأوكرانية,وهو ما وجد ترحيبا كبيرا من الرئيس الروسي وإشادة منه بدور الإمارات الكبير، مؤكدا أن روسيا مهتمة باستمرارية جهود الوساطة الإماراتية.

وأشاد بدور الإمارات في الجهود لتسوية الأزمات في مختلف أنحاء العالم ، وبين أن العلاقات بين روسيا والإمارات عامل مهم للاستقرار في المنطقة.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء سعي دولة الإمارات إلى الإسهام في تعزيز أسس السلام والاستقرار في العالم والعمل على خفض التوترات وإيجاد الحلول الدبلوماسية للأزمات التي يشهدها.

وفيما يتعلق بقيام دولة الإمارات بدور مهم في عملية تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، أكد الرئيس فلاديمير بوتين أن الجانب الروسي يقدر هذه الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات والتي أكدت استعدادها لمواصلة جهود الوساطة.بدوره، أطلع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس الروسي على موقف الجانب الأوكراني حول عدد من القضايا.

من جهته شكر بوتين رئيس دولة الإمارات على جهود الوساطة في حل القضايا الإنسانية، وأشاد بدور الإمارات في الجهود لتسوية الأزمات في مختلف أنحاء العالم، ويعتبر العلاقات بين روسيا والإمارات عاملا مهما للاستقرار في المنطقة.

ملف الطاقة.. رسالة هامة:

ملف الطاقة الذي يعد أحد أبرز تداعيات الأزمة الأوكرانية كان حاضرا خلال مباحثات القائدين، وسط حرص اللقاء على التأكيد على أمن الطاقة العالمي، بعد قرار أوبك بلس خفض الإنتاج.

وأكد الرئيس الروسي أن الإجراءات التي اتخذها تحالف "أوبك بلس" تهدف لتحقيق الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية وأنها ليست موجهة ضد أحد.

واتفقت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها في "أوبك بلاس" على خفض في حصص إنتاجها حرصا على استقرار السوق وتحقيق مصالح المنتجين والمستهلكين، وهو القرار الذي أغضب واشنطن التي كانت تدعو إلى زيادة الإنتاج لمحاولة الحدّ من ارتفاع الأسعار..

وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان استمرار بلاده "مزوداً موثوقاً للطاقة، وداعماً لأمن الطاقة العالمي كونه العمود الفقري لتمكين النمو والتطور الاقتصادي العالمي".

وأكد بوتين حلال اللقاء أن روسيا ودولة الإمارات تعملان بشكل نشط في إطار "أوبك+" من أجل تحقيق استقرار في أسواق الطاقة العالمية، وأن تحركات المجموعة ليست موجهة ضد أي طرف.

علاقات شخصية...تأثير إيجابي مهم:

العلاقات الشخصية القوية التي تربط بين الرئيسين والتي ظهرت في مظاهر الترحيب والحفاوة المتبادلة خلال اللقاء ، كان لها أثرها الواضح في إدارة مباحثات مفتوحة بصراحة تامة حول أكثر الأزمات التي تؤرق العالم حاليا وهي الأزمة الأوكرانية، وما نتج عن ذلك من تداعيات كان من بينها تأثير على أمن الطاقة العالمي.

سبق أن كان لتلك العلاقات القوية أثرها في توصل البلدين لتوقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية بينهما خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لروسيا في مطلع يونيو/ حزيران 2018، وهي الآن تساهم في تعزيز ودعم وتلك الشراكة.

حفاوة الاستقبال واللقاء:

منذ اللحظات الأولى للقاء القائدين بسانت بطرسبرج، ظهرت مدى قوة العلاقات الشخصية التي تربطهما، فحرص الرئيس الروسي على استقبال ضيفه بحفاوة بالغة، واصفا زيارته الأخيرة للإمارات في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 بأنها كانت "شيئا لا ينسى".

أيضا ظهرت تلك العلاقات القوية ذلك عندما خاطب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نظيره الروسي بكلمة "صديقي".

وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مخاطبا بوتين: "سعيد جدا بشوفك ( برؤيتك) صديقي فخامة الرئيس".

وكما هي عادة لقاء الأصدقاء بعد فترة طويلة، تحدث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عن طول العهد باللقاء بسبب تداعيات جائحة كورونا.

أيضا حرص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على تهنئة بوتين بعيد ميلاده الذي احتفل به قبل أيام قليلة من الزيارة.

وهنا حرص بوتين على أن يردّ باللغة العربية على كلمات ضيفه الكبير، في دلالة عميقة على حرصه على المكانة التي يحتلها لديها ويحظى بها في بلاده، قائلا: "شكرا".

وفي لفتة شحصية حميمة,أهدى بوتين، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان معطفه للوقاية من برد سانت بطرسبرج، بحسب موقع "روسيا اليوم".

وأظهر مقطع فيديو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يخرج عقب لقاء بوتين وقد ارتدى معطفا، يبدو أنه للرئيس الروسي.

أيضا كان لافتا خلال اللقاء أن بوتين تخلى عن الطاولات الكبيرة التي كانت حاضرة لدى لقاءات سابقة برؤساء دول ومسؤولين، ولم يفصل بينه وبين ضيفه الشيخ محمد بن زايد ، سوى أقل من متر، بعد أن وضع البروتوكول الرئاسي مقعد الرئيسين إلى جوار بعضهما.

العميد الركن/ ثابت حسين صالح

*باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي.

الدراسات والتحليل

الأحد 21 إبريل 2024 13:51:18
السبت 20 إبريل 2024 14:36:00