قالت مجلة "سبكتاتور" البريطانية إن رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، لم تكن يومًا مرشحة للمنافسة على لقب أفضل رئيسة وزراء حكمت البلاد، فهي لا تمتلك الرؤية اللازمة لذلك؛ لكن فشلها في الالتزام بسياسات كانت تعهدت بها كفيلٌ بأن يرشحها للقب أسوأ رئيسة وزراء، فيما لم يبقَ أمامها غير القليل جدا من الوقت لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
واستهلت المجلة تعليقا لها مؤكدة أن إدارة ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكسيت" لم يكن أبدا بالمهمة السهلة على تيريزا، حتى في ظل شنّ المحافظين حربا أهلية على أوروبا لنحو ربع قرن من الزمان على الأقل.
ونبهت سبكتاتور إلى أن الأيام الأخيرة كانت صعبة على نحو ينذر بإمكانية سقوط الحكومة ومن ثم التنازل عن السلطة لأشدّ إدارات حزب العمال يسارية على مدار التاريخ.
وأشارت سبكتاتور إلى تلويح ماي بإجراء انتخابات عامة ما لم يلقَ تصورها الخاص بـبريكسيت دعمًا من جانب أعضاء البرلمان. ولفتت المجلة إلى أن الأجواء في البرلمان البريطاني هي الآن فوضوية على نحو ما كانت عليه إبان الأيام الأخيرة في حكومة جيمس كالاهان عام 1979.
ورأت أنه من الصعب تذّكر أنه وقبل 15 شهرًا فقط، بدت تيريزا ماي الأكثر شعبية بين رؤساء الوزراء في بريطانيا وحققت انتصارا كبيرا في انتخابات عامة على جيريمي كوربين؛ كما كان بجعبتها سياسة جديرة بالثقة لسنّ انسحاب للبلاد من الاتحاد الأوروبي ومغادرة السوق الموحدة والبحث بدلا من ذلك عن اتفاق تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي كما أوضحت في خطاب ألقته في "لانكستر هاوس" في يناير 2017.
وأعادت المجلة إلى الأذهان تعهُّد ماي في خطابها المشار إليه بأنه وفي حالة تعذّر التوصل إلى مثل هذا الاتفاق فإن بريطانيا ستغادر الاتحاد دون اتفاق قائلة إن "عدم الخروج باتفاق على الإطلاق هو أفضل من الخروج باتفاق سيء" وسألت الشعب البريطاني أن يضع ثقته في التزامها بقولها هذا، وهو ما حدث من جانب الشعب.
ورأت سبكتاتور أن ماي إنما وصلت إلى وضعها الراهن لأنها لم تلتزم بما تعهدت به في خطاب "لانكستر هاوس"؛ وقد خاضت ماي انتخابات عامة لتعزيز أدوات هي ذاتها نفس الأدوات التي تريد ماي الآن أن تتخلى عنها.
وأوضحت المجلة أن تيريزا ماي قد أخفقت في الإعداد لسيناريو "الخروج بلا اتفاق" والذي كان يُعوَّل عليه كأداة قوية من أدوات التفاوض في جعبة البريطانيين مقابل الاتحاد الأوروبي.
وفي خطاب استقالته من وزارة الخارجية، قال بوريس جونسون إنه إنما غادر الحكومة لأنه يؤمن بما باعته ماي للشعب ولا يعتقد أنها بحاجة إلى التملص منه وأن الأمر لا يتعلق بفشل المفاوضات وإنما القضية هي أن المفاوضات لم تحظ بالمحاولة.
وقالت المجلة إن تيريزا ماي تتصرف كما لو كان لا يوجد بديلا، بينما يمكن للجميع أن يروا أن ثمة بديلا هو الالتزام باستراتيجيتها التي أعلنت عنها في خطاب لانكستر هاوس والذهاب إلى بروكسل وبجعبتها خطة انسحاب قوية، والتعهُّد بالتزام بريطانيا بالتداول بناء على قواعد منظمة التجارة العالمية مع الإبقاء على الباب مفتوحا أمام التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي مستقبلا.