تحليل: مرة أخرى عن المنطقة العسكرية الأولى
المنطقة العسكرية الأولى المتمركزة في وادي وصحراء حضرموت...هي امتداد للمنطقة العسكرية الشرقية التي احتلت حضرموت والمهرة أبان غزو اليمن للجنوب في حرب 1994م...وكان يقودها حينها خال الرئيس الاسبق العميد محمد إسماعيل ومن بعده أحد أنصار اللواء علي محسن الأحمر وهو اللواء محمد علي محسن...الذي رفض تسليمها للقائد المعين بقرار رئاسي عام 2011 وهو اللواء احمد سعيد بن بريك.
لم يكن تعسكر هذه الوحدات الشمالية بضرورات أو دوافع أو مبررات دفاعية على الإطلاق،بل كانت وما زالت هذه الوحدات رابضة في هذه المنطقة لقمع وملاحقة الناشطين السلميين الحضارم والجنوبيين...من ناحية، ولحماية ناهبي ثروات الجنوب من حقول وأبار النفط والعقارات والأراضي منذ حرب 1994م، من ناحية أخرى .
كان نظام 7/7 قد اعتبر الجنوب بعد احتلاله "غنيمة حرب" استولى عليها هو وحاشيته وأمراء الحرب بما فيهم قادة من "الجهاديين الأفغان" الذين قاتلوا بتعطش للدماء في صفوف نظام 7/7 خلال حرب 1994م.
لم يكن وجود هذه المنطقة العسكرية مرحبا به من جانب أبناء حضرموت الذين لم يلمسوا لها أي مهام ذات طابع دفاعي، بل لن يروا منها غير القمع والنهب .
لذلك عبر الحضارم عن امتعاضهم ثم رفضهم لتواجد وحدات المنطقة العسكرية الأولى في وادي وصحراء حضرموت...عبروا عن ذلك بالاحتجاجات السلمية وب"الهبات" الحضرميةارتكبت قيادة ووحدات هذه المنطقة فضائع كييرة وجرائم حرب عديدة ضد الحضارم وخاصة بحق الناشطين السياسيين ومشائخ القبائل الذين قادوا الاحتجاجات السلمية المطالبة بوقف نهب ثروات حضرموت والجنوب من قبل امراء حرب 1994م الشماليين.
وجهت أصابع الاتهام لنظام 7/7 وقيادة المنطقة العسكرية الأولى باغتيال قائد الهبة الحضرمية الأولى وقائد حلف حضرموت المقدم سعد بن حبريش الذي تم اغتياله في 21 ديسمبر 2013م عند مدخل مدينة سيئون وهي مقر المنطقة العسكرية الأولى.
كما تم اغتيال وقتل عشرات القادة الحضارم والجنوبيين في هذه المنطقة التي كانت وما زالت مأوى لجماعات القاعدة وداعش.
كل الاحتجاجات والتجمعات الحضرمية بدءا من الهبة الأولى مرورا بحلف حضرموت ومؤتمرها الجامع، مرورا المجلس الانتقالي الجنوبي، وحتى الهبة الحضرمية الحالية بقيادة حسن الحابري، طالبت بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي وصحراء حضرموت.
لم تشارك قوات هذه المنطقة في الدفاع عن الجنوب والحرب ضد الحوثيين، ولم يهاجمها الحوثيون على الإطلاق بل أن الكثير من قادة وحداتها قد تحوثوا، وكان التخادم بين هؤلاء القادة مع جماعة الإخونج والحوثيين شاهدا وملحوظا في الكثير من الأحداث والوقائع.
شاركت وحدات من هذه المنطقة ليس فقط في قمع الاحتجاجات السلمية للحضارم ، فحسب، بل وكذلك في دعم جماعات الإرهاب والغزاة القادمين من محافظات الشمال لغزو عدن للمرة الثالثة والعاشرة وبشكل محموم منذ 2019 انطلاقا من مارب والبيضاء والجوف ومعارك شقرة.
وأخيرا فإن بقاء هذه القوات في وادي حضرموت منذ حوالي 28 عاما يتنافى حتى مع ابسط قوانين ونظم تعسكر القوات في كل جيوش العالم...ناهيك عن أن بقاء هذه القوات يخالف نصوص اتفاق ومشاورات الرياض 2020/2022م.
خلاصة الأمر لم يعد لبقاء وحدات المنطقة العسكرية الأولى أي مبرر قانوني أو دفاعي الأمر الذي يقتضي من مجلس القيادة الرئاسي اتخاذ قرار واضح وصريح بإعادة انتشارها باتجاه الحرب لتحرير مارب والجوف أو حلها وبالتالي اعتبارها متمردة على قرارات المجلس والتحالف العربي ونصوص اتفاق ومشاورات الرياض...غير ذلك فأنما يعني الإبقاء على أسباب التوتر والاحتقان وربما العنف في هذه المحافظة ذات التاريخ الحضاري العريق.
العميد الركن/ ثابت حسين صالح
*باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي.