تحليل: قراءة أولية للبيان الروسي الصيني المشترك : شراكة استراتيجية وعصر جديد
وقع الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين موسكو وأصدرا بشكل مشترك يوم أمس (الثلاثاء) "البيان المشترك لجمهورية الصين الشعبية والاتحاد الروسي بشأن تعميق شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة في العصر الجديد".
وأشار الجانبان في البيان إلى أن العلاقات بين الصين وروسيا ليست من نوع التحالف العسكري-السياسي خلال الحرب الباردة، ولكنها تتجاوز مثل هذا النموذج للعلاقات بين الدول.
وقالا إن الدول المختلفة لديها تاريخ وثقافات وظروف وطنية مختلفة، ولها الحق في اختيار مسار التنمية الخاص بها. لا يوجد شيء اسمه "ديمقراطية" متفوقة.
يعرب الجانب الروسي عن تقديره الكبير لمبادرة الحضارة العالمية التي اقترحها الجانب الصيني.
يؤكد الجانب الروسي في البيان تمسكه بمبدأ صين واحدة، ويعترف بتايوان كجزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ويعارض أي شكل من أشكال ما يسمى "استقلال تايوان"، ويدعم بشدة الإجراءات التي تتخذها الصين لحماية سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها.
تعاون وثيق في مجال الطاقة:
ووفقًا للبيان، سيبني الطرفان شراكة أوثق للتعاون في مجال الطاقة، وسيدعمان الشركات من الجانبين في تعزيز مشروعات التعاون في مجال الطاقة مثل النفط والغاز والفحم والكهرباء والطاقة النووية، وتعزيز تنفيذ المبادرات التي من شأنها أن تساعد في تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بما في ذلك استخدام الطاقة منخفضة الانبعاثات والطاقة المتجددة.
كما سيعملان على حماية أمن الطاقة الدولي بشكل مشترك، بما في ذلك أمن البنية التحتية الرئيسية العابرة للحدود، وسيحافظان على استقرار سلاسل الصناعة والإمداد لمنتجات الطاقة.
أشادت روسيا بمبادرة التنمية العالمية وستواصل المشاركة في عمل مجموعة أصدقاء المبادرة.
إدانة السياسة الأمريكية في إثارة الازمات والحروب والسلاح النووي:
تعرب الصين وروسيا عن قلق جدي بشأن عواقب ومخاطر الشراكة الأمنية الثلاثية "أوكوس" وبرامج التعاون المعنية في الغواصات التي تعمل بالدفع النووي بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، على الاستقرار الاستراتيجي الإقليمي.
يحث الجانبان أعضاء "أوكوس" بقوة على الوفاء بصرامة بالتزاماتهم بشأن عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها، وحماية السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.
قلق تجاه التلوث الياباني:
كما أعربا عن قلق جدي ايضا إزاء خطة اليابان لتصريف المياه الملوثة نوويا من حادث محطة فوكوشيما للطاقة النووية في البحر هذا العام، وشددا على أن اليابان يجب أن تجري مشاورات شفافة وكاملة مع البلدان المجاورة وأصحاب المصلحة الآخرين والوكالات الدولية ذات الصلة.
وحث الجانبان اليابان على التعامل الصحيح مع المياه الملوثة نوويا بطريقة علمية وشفافة وآمنة، وقبول الإشراف طويل الأجل للوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول ذات الصلة، من أجل حماية البيئة البحرية وحقوق شعوب جميع البلدان في الصحة بشكل فعال.
الانشطة البيولوجية الأمريكية:
كما أعرب الجانبان في البيان عن قلقهما إزاء الأنشطة العسكرية البيولوجية للولايات المتحدة، داخل وخارج البلاد، حيث تهدد بشكل خطير الدول الأخرى وتقوض أمن المناطق المعنية. وطالبا الولايات المتحدة بتوضيح ذلك والامتناع عن تنفيذ جميع الأنشطة البيولوجية التي تنتهك معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية.
يحث الجانبان الناتو على الامتثال لالتزاماته كمنظمة إقليمية ودفاعية، وعلى احترام سيادة وأمن ومصالح الدول الأخرى وتنوعها الحضاري والتاريخي والثقافي والتعامل مع تنميتها السلمية بطريقة موضوعية وعادلة.
النشاط التوسعي للناتو:
كما أعربا عن قلقهما الكبير إزاء استمرار تعزيز الناتو للعلاقات الأمنية العسكرية مع دول آسيا-الباسيفيك وتقويض السلام والاستقرار الإقليميين. يعارض الجانبان تشكيل هيكل جماعي مغلق وحصري في المنطقة وممارسة سياسة التكتلات وإثارة المواجهة بين المعسكرات.
وقال البيان إن الصين وروسيا تعربان عن قلقهما إزاء الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وتحثان الجانب الأمريكي على الاستجابة للمطالب المشروعة والمعقولة لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بإجراءات عملية وتهيئة الظروف لاستئناف الحوارات.
الرد الامريكي:
ردا على البيان المشترك لموسكو وبكين عقب اجتماع رئيسي البلدين، طالب البيت الأبيض روسيا بسحب قواتها من الأراضي التي تعتبرها واشنطن أوكرانية.
وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في إفادة صحفية.
رد الفعل التايواني:
دانت تايوان البيان المشترك لبكين وموسكو الذي وصف الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي بأنها جزء "غير قابل للتصرف" من الصين، متهمة روسيا "بالرقص على النغم الصيني".
الخلاصة:
شراكة استراتيجية بين العملاقين الصيني والروسي والاعلان عن عصر عالمي جديد.
العميد الركن/ ثابت حسين صالح
*باحث ومحلل سياسي وعسكري في بوابة المشهد العربي.