الأضحى في اليمن.. بأي حال عدت ياعيد؟
راي المشهد العربي
"عيد بأية حال عدت يا عيد.. بما مضى أم بأمر فيك تجديد".. بيت شعر يحمل الكثير من المعاني التي وصفها الشاعر الشهير المتنبى وكأنه يصف بها حال اليمن الجاري بكل تفاصيله المؤلمة.
فعلى الرغم من الانجازات العسكرية التي تقوم بها القوات المشتركة في اليمن بدعم من التحالف العربي لدعم الشرعية إلا أن المشهد في اليمن مازال متجمدا لأسباب كثيرة أهمها اختراق الحكومة الشرعية من الذين لا يريدون حسم هذه الحرب ودحر الإرهاب.
وجاء عيد الأضحى هذا العام مختلفًا تمامًا وتبدلت الأحوال مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها أبناء الوطن وموجات الغلاء غير المعقولة، ما أصاب الأسواق بحالة كبيرة من الركود وسكن الصمت الشوارع بسبب ارتفاع الأسعار الذي صاحب انهيار العملة المحلية.
ويستمر الريال اليمني بالتهاوي أمام العملات الأخرى، بسرعة كبيرة منذ مطلع العام 2018، في ظل غياب السياسات المالية للحكومة الشرعية، التي من شأنها أن توقف تلك الكارثة.
لكن بسبب الفساد المستشري في الوزرات الحكومية والذي انعكس بشكل كبير على أداء هذه الحكومة لم تستطع هذه الحكومة ايقاف نزيف انهيار الريال اليمني.
وأيضاً بسبب التجريف الحوثي لمقومات الاقتصاد اليمني على مدى 3 سنوات، قاد ذلك في الثلاثة أشهر الأخيرة إلى انهيار متسارع في قيمة العملة المحلية (الريال) أمام العملات الأجنبية الأخرى، رافقه ارتفاع جنوني في أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية، وهو ما يعني تهديد القدرة على العيش لملايين اليمنيين.
وكانت الحكومة اليمنية، قد تحدثت عن قيامها بتدارس الأزمة المالية الحالية، ووضع حلول لها لمنع استمرار انهيارها، وأصدرت في وقت سابق قرار تعويم صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، بعد تحرير سعر الريال اليمني، وتحديد الصرف الأجنبي وفقا لآليات العرض والطلب، لكن ذلك زاد الطين بلة فقد انخفضت قيمة الريال الشرائية أكثر.
وحمَّلت الحكومة الانقلابيين مسؤولية انهيار الريال اليمني، لإهدارهم الاحتياطي النقدي المقدر 5.2 مليارات دولار، وعدم التزامهم بتوريد الإيرادات إلى البنك المركزي، وعبثهم بالإيرادات التي يحصلون عليها.
ويتهم مراقبون الحكومة بالفساد، وعدم استغلال عائدات النفط والموانئ والجمارك والضرائب، للعمل على الحد من تفاقم تلك الظاهرة.
وتعاني الكثير من وزارات الحكومة اليمنية حالات فساد مستشرية ورغم محاولات التعتيم الحكومي إلا أن للفساد رائحة تتكشف يوما بعد يوم ويعمل ذلك على الوقوف كحجر عثرة أمام مجهودات التحالف العربي.
ولم يتوقف الفساد فقط عند الوزرات الحكومية لكن تشهد معظم السفارات اليمنية في الخارج والمنح الدراسية خصوصا منح التبادل الثقافي عمليات فساد كبيرة يقف خلفها سفراء ووكلاء ومستشارين في الحكومة الشرعية.
كما أن الميزانيات المالية المخصصة لرواتب وامتيازات الوزراء والسفراء فاقمت الأزمة اليمنية، وانعكس ذلك على الوضع المعيشي والإنساني في اليمن الذي لم يعد سعيداً.
وسبق أن شنّ اليمنيون جملة من الانتقادات بحق الحكومة اليمنية، على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الماضية، احتجاجًا على تعيينات عائلية لأقارب وزراء ومسؤولين وقيادات عسكرية في الحكومة الشرعية، في مواقع وظيفية مهمة، بعيدًا عن المعايير الوظيفية.
وتواجه دول التحالف العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، تحديات كبيرة في المعركة الإنسانية التي عمق الانقلابيون وضعها الكارثي.
وتخوض فرق هيئة الهلال الأحمر الإماراتي معركة إنسانية كبيرة في مختلف مناطق اليمن المحررة، جعلتها من أهم الهيئات الدولية الفاعلة على الأرض، التي ساعدت في انتشال الوضع الكارثي والإنساني، سيما مناطق محافظة الحديدة التي تضربها المجاعة.
تجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات تولي اهتماما كبيرا بالوضع الإنساني الصعب في اليمن، وأسهمت خلال الفترة من أبريل 2015 إلى أواخر نهاية الشهر المنصرم لعام 2018، بما يزيد على 3.77 مليار دولار أمريكي، في مشاريع استهدفت الصحة والتعليم والأمن والمرافق العامة والبنية التحتية والإعمار.
وقد أسهمت في رفع المعاناة عن 13.8 مليون يمني، منهم 5.3 ملايين طفل، إضافة إلى تقديم الإمارات 500 مليون دولار لدعم خطط الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2018، ودعمت في مبلغ إضافي يقدر بـ70 مليون دولار في إعادة تأهيل الموانئ والمطارات.
وأدخل الانقلاب الحوثي أكثر من 17 مليون يمني تحت خط الفقر، فيما أصبح 7 ملايين نسمة على شفا مجاعة، وفقاً للإحصائيات الدولية.
وأدى الصراع في اليمن إلى تدهور كبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانكمش الناتج بشكل حاد وتوقف الموارد وأهمها إيرادات النفط، مما أدى إلى تراجع دخل الأسر، بحسب تقرير حديث للبنك الدولي، وأصبحت مؤسسات هامة مثل البنك المركزي معطّلة.
وكل ما سبق ذكره انعكس على المواطنين وفاقت الأسعار قدراتهم الشرائية قاصمة لظهورهم وفوق مقدرة جيوبهم الخاوية تزامنا مع قدوم عيد الأضحى الرابع منذ اندلاع الحرب في اليمن، فقد اكتفت غالبية الأسر اليمنية بفرحة ممزوجة بألم على بسبب الأوضاع المأساوية باليمن، والبعض الآخر اكتوى بنار أسعار الأضاحي التي ضاعفت المعاناة في ظل انقطاع المرتبات لأكثر من 3 سنوات فضلا عن ازدياد البطالة بسبب عدم وجود بيئة استثمارية آمنة.