تحليل: الحوثيون والإخوان وجهان لعملة واحدة
الحوثيون والإخوان وجهان لعملة واحدة
العميد الركن ثابت حسين صالح*
عندما نقول أن الحوثيين والإخوان وجهان لعملة واحدة...فإننا لا نأتي بجديد ، وفقا للشواهد التالية:
1- كلاهما وجهان لتوظيف واستغلال الدين الإسلامي لأجندات التنظيمين وداعميهما.
2- تشويه صورة الإسلام أمام معتنقي الديانات الأخرى وإظهار الإسلام بمظهر الطوائف والمذاهب والجماعات المتناحرة.
3- ثقافة العنف والارهاب تجمعهما في التعامل مع معارضيهم.
4- ارتباط نشوء واستمرار التنظيمين وانشطتهما بأحهزة مخابرات إقليمية ودولية.
مرت العلاقات بين التنظيمين في اليمن بمراحل عدة أبرزها:
في المرحلة الأولى كان الإخوان يعملون على إثارة النعرات المذهبية وتعميق الخلاف وتحريض أجهزة القمع والناس ضد من كانوا يسمونهم "الروافض" وغيرها من المصطلحات، بل أنهم كانوا أحد أهم أسباب اندلاع مواجهات صعدة بين جماعة الحوثيين واجهزة الأمن والجيش اليمني في توظيف سياسي لم يخفى على لبيب لاستمرار وتجدد ما عرف بحروب صعدة الستة.
المرحلة الثانية تجلت بالتنسيق بين الإخوان والحوثيين خلال ثورة فبراير 2011م والسيطرة على منصاتها وأجندتها وتحركاتها والتي حولت الثورة إلى أزمة سياسية مستفحلة.
في المرحلة الثالثة بدأت بعد الاطاحة بالرئيس صالح وسيطرة الإخوان على الحكم ومرحلة الحوار الوطني ومخرجاته التي هدفت إلى الالتفاف على قضية الجنوب أولا وعلى فضية صعدة ثانيا وإدخال البلاد في أزمة جديدة قادت إلى حرب 2015م ثالثا.
خلال حرب 2015م المستمرة حتى الآن حرص حزب الإصلاح على أن لا تؤدي الحرب إلى هزيمة الحوثيين من خلال عدم مقاومتهم في الشمال وتشجيع حرب الحوثيين على الجنوب...حتى وصلت العلاقة بين التنظيمين إلى مستوى التخادم والتنسيق.
فالتخادم الإخواني الحوثي أصبح واقعا وتؤكده أحداث ووقائع سواء على المستوى السياسي أم العسكري الأمني أم الاقتصادي.
سياسيا:
تحركات وأنشطة إخوان اليمن في الداخل والخارج شكلت دعما سياسيا للحوثي، وهو الذي يمد من بقائه في المشهد اليمني عموما وفي الجنوب خاصة، وكل هذا التخادم لأقصاء الجنوب من حقه في استعادة دولته، فكل تحرك عسكري للقوات الجنوبية سواء كان ضد الحوثيين أم ضد القاعدة كان يقابله تحرك سياسي إخواني (داخلي - خارجي) لوقف تقدم القوات الجنوبية كما حصل على مشارف ميناء الحديدة ، حيث سارع الإخوان المسيطرون على قرار الشرعية اليمنية في التوقيع على اتفاق استوكهولم 12 ديسمبر 2018م وهو الاتفاق الذي شكل طوق نجاة للحوثيين الذي كانوا قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة، وتبرير ذلك على أنه سيبقي الشمال تحت سيطرة الحوثيين، مع إن الإخوان في حقيقة الأمر كانوا بهذا التصرف يدركون أنهم يخدمون الحوثيين وإطالة أمد الحرب.
عسكريا:
كان التخادم جليا بين الحوثيين والإخوان سواء في معارك بيحان ومأرب والبيضاء ، حيث سلمت القوات الموالية للإخوان مواقعها للحوثيين، بل وافتعل الإخوان معارك على الخطوط الخلفية للقوات الجنوبية التي كانت تتقدم باتجاه مأرب...أو على صعيد تسليم جبهات في الشمال في نهم والجوف وحجور وعتمة لصالح الحوثيين.
ناهيك عن عمليات تهريب وبيع الأسلحة "الشرعية" للحوثيين وتمرير أعمال تهريب الأسلحة عبر محافظات المهرة وحضرموت ومارب والجوف إلى الحوثيين.
الأكثر من ذلك اغتيال عدد من قادة الجنوب ومن قادة المقاومة في الشمال وخاصة في مارب وتعز كمصلحة مشتركة لكل من الحوثيين والإخوان.
اقتصاديا:
عطل الإخوان كل محاولات تحرير الاقتصاد من هيمنة الحوثيين وخاصة في مجالات الاتصالات والطيران والصناديق والبنوك والمساعدات الدولية، وبحيث ظل الحوثيون يستحوذون على مئات المليارات من الريالات ويستخدمونها لتعويض خسائرهم في السلاح والمعدات ولشراء غيرها، وكلك في مجال العملة والمضاربة بها وانسيابها إلى صنعاء والتلاعب بأسعار العملة والسلع، وتعطيل الخدمات في المناطق المحررة.
إعلاميا: سعى الإخوان إلى تزييف وتشويه الحقائق عن الحرب والمعارك وزرع روح الانهزام والاحباط لدى المقاومين للحوثيين في الشمال وتشويه القوات الجنوبية والتحريض عليها وعلى قوات الأمن والقادة الجنوبيين كما حصل ضد النخبتين الشبوانية والحضرمية وأمن عدن ولحج وسقطرة، وتغطية وتبرير جرائم الحوثيين والقاعدة وداعش.
وكذلك افتعال معارك إعلامية وفبركات واشاعات ومحاولات اذكاء نار الفتن بين القوى المناهضة للحوثيين وبين كل من السعودية والامارات وبين الجنوبيين والتحالف وخاصة السعودية.
كل ذلك النشاط الإعلامي الهدام صب في خدمة الحوثيين.
ولم يخف نشطاء اصلاحيين موقفهم المعادي للتحالف وخاصة السعودية والإمارات والبحرين، وحماستهم لضربات ايران والحوثيين ضد مواقع حيوية في المملكة والامارات بما في ذلك ازدرائهم وشماتتهم باستشهاد جنود الإمارات في مارب وجنود البحرين على حدود السعودية الجنوبية مع اليمن.
ومن الواضح أن الحوثيين والإخوان في تنسيق دائم بكل أمور الحرب والسلام وفي طريقهم إلى إعلان ذلك علنا وبدرجة قد تصل إلى التحالف بينهما ضد الجنوب أولا وضد التحالف ثانيا.
* باحث ومحلل سياسي وعسكري