تدهور الليرة التركية يضرب الشطر الشمالي من قبرص
أدى تدهور الليرة التركية إلى تراجع الاقتصاد في الشطر الشمالي من جزيرة قبرص المتوسطية الذي يعتمد على أنقرة، خصوصاً أن تركيا هي البلد الوحيد في العالم الذي يعترف بـ "جمهورية شمال قبرص التركية".
ويقول وزير الاقتصاد في "جمهورية شمال قبرص التركية" اوزديل نامي إنه نظراً لعدم القدرة على التحكم بقيمة العملة أو بأسعار الفائدة، فإنه "من الصعب جداً لاقتصاد مثل اقتصادنا" التعامل مع الانخفاض المفاجئ في قيمة الليرة المتداولة في شمال قبرص منذ العام 1974 في حين تتعامل جمهورية قبرص المعترف بها باليورو.
وباستثناء صلته بتركيا بحرا وجوا، ظل القسم الشمالي معزولاً عن الجنوب إلى حين أقيمت عام 2003 نقاط عبور في الاتجاهين عبر الخط الأخضر الفاصل الذي تشرف عليه الأمم المتحدة.
واليوم يتدفق القبارصة اليونانيون لملء سياراتهم بالبنزين الرخيص عبر المعابر مما يؤدي إلى طوابير طويلة من الانتظار لا سيما في نيقوسيا، آخر عاصمة منقسمة في العالم.
لكن محمد الذي يملك مقهى في الجزء الشمالي من العاصمة لا يعتبر هذا الإقبال كافيا لتعويض الاضطراب الاقتصادي المستجدّ، ويقول: "ارتفعت مصاريفي 50 في المائة خلال الأسابيع القليلة الماضية وتراجعت مدخراتي وفقدت نصف قيمتها عملياً". في هذه الأثناء، تضاعفت تقريبا بالليرة التركية تكاليف دراسة ابنه الجامعية في بريطانيا.
ويضيف محمد: "ما زلت قادراً على التعامل مع الوضع، لكن بمرور الوقت لن يكون لدى الناس الوسيلة لذلك".
وقال نامي إن سلطات الشطر الشمالي حيث يعيش نحو 300 ألف شخص، نفذت سلسلة من الخطوات الرامية إلى "الحفاظ على التدفق النقدي في الاقتصاد".
وإلى جانب إجراءات التقشف، تشمل الخطط المتبعة دعم أسعار البنزين وتخفيضات كبيرة في الضرائب على السلع الاستهلاكية والضرائب العقارية، وتقديم حوافز للمستثمرين العقاريين الأجانب.
وكشف وزير الاقتصاد أن الوزراء والنواب وافقوا على خفض رواتبهم بنسبة 20 في المائة لمدة ستة أشهر، ووافقت نقابات القطاع العام على خفض بنسبة 15 في المائة في أجور ساعات العمل الإضافية.
لكن الأسعار في المتاجر ترتفع باطّراد والمشتريات التي تحتاج إلى ميزانيات كبيرة مثل الممتلكات العقارية والسيارات والسلع الإلكترونية باتت فوق قدرة معظم القبارصة الأتراك.
وقال أردال غوراي أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة خاصة في شمال قبرص والعضو السابق في مجلس إدارة البنك المركزي: "من المستحيل بالنسبة إلينا مواجهة هذه الازمة. لا نملك الأدوات وليس لدينا مكان آخر نذهب إليه لأننا دولة غير معترف بها... إن آثار الأزمة علينا أكبر بكثير مما هي عليه في تركيا. نحن جزيرة صغيرة معزولة، ولا نملك موارد طبيعية ونعتمد على الواردات. كل شيء تقريبا يأتي من الخارج".
ويقول محمد بينلي، وهو صاحب سلسلة متاجر كبرى، إن مبيعاته انخفضت بنسبة 30 في المائة وهو اتجاه "يُتوقع أن يزداد سوءا".
ويضيف أن الاجراءات الجديدة التي اتخذتها "الحكومة" تعتبر "محدودة جدا".
لكن في حين يعاني القبارصة الأتراك بسبب الوضع، يتدفق القبارصة اليونانيون عبر الحدود للاستفادة من السلع المدعومة.
ويشرح غوراي في هذا الصدد: "قبل الأزمة، لم يكن القبارصة اليونانيون يشترون شيئا من هنا. كانوا يأتون لزيارة المواقع التاريخية، لكنهم الآن يتسوقون".
وتكتظ محطات الوقود في شمال الجزيرة بسيارات تحمل لوحات أرقام مسجلة في جمهورية قبرص. ويقول مصطفى ديمدلين الذي يدير محطة بنزين قرب المعبر البري الرئيسي في نيقوسيا: "زبائني القبارصة اليونانيون أكثر من القبارصة الأتراك... بعضهم يأتي للمرة الأولى". ويوضح أن "سعر البنزين هنا يبلغ نحو نصف سعره لديهم"، وأن مبيعاته ارتفعت بنسبة 50 إلى 60 في المائة منذ بداية الأزمة.
ويقول بينلي إنه في نهاية الأسبوع يحقق 80 في المائة من الأرباح في متجره الأقرب إلى المعبر من القبارصة اليونانيين.
ويلفت غوراي إلى أن "هذا هو الجانب الايجابي من الأزمة. لكن إذا استمرت، وهو ما أتوقعه، ستواصل الأسعار الارتفاع وسيتوقف القبارصة اليونانيون عن المجيء".
وكالات