اعتبر أكاديميون ونشطاء حقوقيون يمنيون، تقرير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة الخاصة باليمن، الصادر مؤخراً، بأنه «تقرير متناقض وغير مهني»، والذي وصفته الحكومة اليمنية بأنه «لا يتسق مع منهجية العمل الحقوقي والاتفاقيات والقوانين الدولية المعترف بها»، لكونه انحاز إلى جانب ميليشيات الحوثي الإيرانية، واحتوى على مغالطات ومنطلقات سياسية كشفت تراجعه عن المهنية الحقوقية وتجاوزه لقيم العدالة.
ولعل الوقائع والشواهد على الأرض، ومن خلال مقارنة وبالأرقام بين ما تقدمه دول التحالف العربي من مساعدات إنسانية وإغاثية ودعم لمختلف المجالات، وبين ما تقوم به ميليشيات الحوثي الإيرانية من انتهاكات لحقوق الإنسان وخراب وتدمير لليمن ومقدراته، تبين وبما لا يدع مجالاً للشك تناقض ما ورد في تقرير لجنة الخبراء، وزيف الادعاءات التي تدين التحالف، وتؤكد أن اللجنة، ومن خلال هذا التقرير غير المهني، أرادت ابتزاز التحالف العربي.
الإحصائيات الرسمية للدعم المقدم من قبل التحالف العربي لليمن، ومنها إيداع السعودية مبلغ ملياري دولار أميركي وديعة في حساب البنك المركزي اليمني، وتقديم الإمارات أكثر من مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، بالإضافة إلى تنفيذ مركز الملك سلمان مشاريع في اليمن بـ616 مليون دولار منذ مايو 2015 وحتى يونيو من العام الحالي، وكذلك كشف دولة الإمارات عن تقديم مساعدات للشعب اليمني منذ أبريل 2015 إلى أغسطس 2018 بلغت 13.96 مليار درهم «3.80 مليار دولار أميركي»، وغيرها من الجهود الداعمة التي قدمها تحالف دعم الشرعية والتي تتجاوز 8 مليارات دولار، استفاد منها ملايين اليمنيين بمجالات الإغاثة والخدمات والتنمية والإعمار.
وبمقابل ذلك، تكشف الحقائق والوقائع جرائم حرب ومشاريع تخريب وتدمير ارتكبتها ميليشيا الحوثي الإيرانية بحق أبناء الشعب اليمني، حيث كشفت إحصائيات وزارة حقوق الإنسان اليمنية في يوليو الماضي، عن ارتفاع عدد انتهاكات الحوثيين ضد المدنيين في اليمن، والتي تجاوزت حصيلتها 38 ألف مدني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، وتدمير مئات المدارس، وتعطيل أكثر من 50% من المرافق الصحية، ونهبت أكثر من 86 مليار ريال يمني كانت تصرف رواتب لموظفي الدولة.
الميليشيات تقتل مستقبل الطفولة
في زمن الميليشيات، بات مستقبل الطفولة مفخخاً، جراء إقدام الميليشيات على انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، حيث عملت الميليشيات على تجنيد نحو 20 ألف طفل وزجت بهم في الجبهات، حسب آخر إحصائيات وزارة حقوق الإنسان اليمنية، وحرمانها الأطفال من التعليم، بعد أن قامت بإخراجهم من المدارس إلى الثكنات العسكرية للتدريب، وغيرها من الانتهاكات بحق الطفل اليمني.
فيما كان لجهود التحالف دور بارز في إنعاش الصحة والتعليم والخدمات، إلى جانب الدعم، وتقديم المساعدات للمواطنين اليمنيين، والتي أسهمت في إعادة الأطفال للمدارس، ووفرت لهم حياة معيشية كريمة، كما عمل التحالف على تنفيذ برامج تأهيل نفسية المئات من الأطفال الذين تم أسرهم في الجبهات القتالية.
التحالف يصرح بدخول السفن والميليشيات تحتجزهم
اعتبرت الحكومة اليمنية تقرير لجنة الخبراء أنه لا يتسق مع منهجية العمل الحقوقي والاتفاقيات والقوانين الدولية المعترف بها، وطالبت مراجعة شاملة لتقرير الخبراء، وفقاً لقواعد المهنية والقوانين الدولية، كشفت في تصريح لوزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبدالرقيب فتح، عن قيام تحالف دعم الشرعية قام خلال الفترة من 26 مارس 2015م إلى 30 يونيو 2018م بمنح المنظمات 28.343 تصريح لدخول السفن الإغاثية والتجارية وللمنظمات الإغاثية منها، 10.534 تصريحاً جوياً و4.274 تصريح بحري و1.067 تصريحاً برياً.
وبالمقابل، قامت ميليشيات الحوثي باستهداف 7 سفن إغاثية وتجارية في البحر الأحمر، منها 4 سفن سعودية، وسفينتان إماراتيتان وسفينة تركية، واحتجزت أكثر من 85 سفينة إغاثية وتجارية ونفطية، وأعاقت إفراغ معظم حمولتها حتى أتلفت أطناناً كبيرة منها.
اهتمام خاص بالقطاع الصحي
استجابة لدعوة المنظمات الأممية، خصصت السعودية 75 مليون دولار للقضاء على وباء الكوليرا، وتم تسليمها لمنظمتي الصحة العالمية و«اليونسيف»، كما قامت الهيئات المانحة في الإمارات والكويت بتنفيذ مشاريع الإصحاح البيئي، وتقديم العقاقير ومستلزمات مكافحة الوباء في عدد من محافظات اليمن.
التحالف ينتزع مليون لغم
في الوقت الذي يعمل فيه التحالف العربي على انتزاع مليون لغم زرعتها ميليشيات الحوثي الإيرانية، وتمكن حتى أواخر يونيو الماضي عن حصر وانتزاع أكثر من 600 ألف لغم في المناطق المحررة، بالإضافة إلى 130 ألف لغم بحري مضاد للزوارق والسفن، وهي من الألغام المحرمة دولياً، والتي أثمرت عن إنقاذ المئات من خطر الألغام. وكشف وزير الخارجية اليمني عن أن ضحايا ألغام ميليشيات الحوثي خلال الفترة الممتدة بين مارس 2015 إلى الشهر نفسه من عام 2018، تشير إلى سقوط أكثر من 1194 قتيلاً و2287 مصاباً جراء الألغام، معظمهم من المدنيين، وبينهم 216 طفلاً و72 امرأة.
التحالف يقدم المساعدات لليمنيين والميليشيات تحرمهم منها
أكد وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية، عبد الرقيب فتح، أن العمل الإغاثي والإنساني للمنظمات الأممية، والذي تم فيه تخصيص استخدام ميناء جازان، بالإضافة إلى 22 منفذاً، وفتح 5 مراكز إغاثية إدارية للأمم المتحدة في اليمن، أسهم في تسهيل عمل المنظمات الأممية، ومكن من وصول المساعدات الإنسانية لكل المحافظات اليمنية. وأوضح أن ميليشيات عملت على العكس من ذلك، حيث قامت بعرقلة عمل المنظمات الأممية، واختطاف أكثر 31 عاملاً في المنظمات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وأحرقت مخازن برنامج الأغذية العالمي في الحديدة، ما أدى إلى إتلاف 4000 طن من المساعدات، وغيرها من الانتهاكات، بالإضافة إلى نهب أدوية الكوليرا في الحديدة وإب وصنعاء ومنع المنظمات من القيام بأعمالها، مبيناً أن الميليشيات أقدمت على احتجاز ونهب أكثر من 678 شاحنة إغاثية في المحافظات الخاضعة لسيطرتها وسخرتها للمجهود الحربي وبيعها في السوق السوداء.
تقرير الخبراء.. تسييس وتغييب ومعايير انتقائية
أجمع عدد من النشطاء الحقوقيين والأكاديميين والإعلاميين اليمنيين على أن التقارير الحقوقية، خصوصاً الصادرة عن منظمات دولية، باتت تتجاهل حقوق الإنسان وتندرج ضمن خانة الابتزاز السياسي وكيد الاتهامات بعيداً عن المعايير المهنية والحقوقية المعترفة بها دولياً. وأشار هؤلاء إلى أن تسييس ملف الانتهاكات وحقوق الإنسان من أجل تصفية حسابات سياسية بات واضحاً من خلال التقارير الأممية التي تصدر بين الحين والأخرى منذ تدخل تحالف دعم الشرعية لإنقاذ الشعب اليمني من بطش وجرائم ميليشيات الحوثي الانقلابية. وأضافوا أن الهيئات الدولية سعت إلى تجيير حقوق الإنسان، وجعلت منها أداة للضغط والابتزاز لخدمة مشاريع ومصالح لا صلة لها بحقوق الإنسان والوضع الإنساني المتدهور الذي يعيشه أبناء اليمن.
جاء ذلك، خلال مشاركتهم أمس في ورشة عمل لمناقشة تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان لعام 2018م، والذي نظمته مؤسسة «خليج عدن للتنمية البشرية» و«الرابطة الوطنية للإعلام التنموي وحقوق الإنسان»، بمشاركة 40 أكاديمياً وحقوقياً وإعلامياً.
وتضمنت الورشة التي حملت عنوان «تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الحقيقة بين التسييس والتغييب والتجاهل وانتقائية المعايير»، ثلاثة محاور هي تحليل مضمون التقرير من حيث منهجيته وإطاره القانوني وسياقه، والاتهامات التي وردت في التقرير ومدى الالتزام بالمعايير المهنية في صياغته، وجوانب القصور والتناقض في التقرير وانتقائية المعايير في محتواه.
تقرير تجديد ولاية فريق الخبراء
الدكتور يحيى قاسم وصف التقرير الأممي بأنه تقرير تجديد ولاية فريق الخبراء ليس إلا، مضيفاً أن التقرير افتقر إلى المصداقية والحيادية والموضوعية، قائلاً، «وعبر جملة من الانتقادات المدللة أن أخطاء التقرير لا حصر لها وليس آخرها إطلاق لفظ قائد الثورة على رجل عليه عقوبات بقرارات أممية من الجهة التي سيسلم إليها التقرير».
وأشار في قراءته القانونية إلى أن التقرير لم يقترب من لغة القانون وإنما أورد فقرات واتهامات مبنية على معلومات وادعاءات غير موثوق بها.
الاعتماد على مصادر محدودة
من جهته، فند الدكتور صالح المرفدي بطلان الادعاءات الواردة في تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في اليمن، مشيراً إلى أن التقرير أعتمد على مصادر محدودة، كما اعترف التقرير باعتماده على معلومات من «الإنترنت» دون اكتراث للجهة التي تتبع هذه المواقع وهي بالطبع مصادر غير موثوق بها. وقال إن التقرير وزع الاتهامات دون مبرر أو دليل كما بدا وكأنه يتحدث بلسان قناة المسيرة الناطقة باسم الحوثيين، خصوصاً في بعض الألفاظ، من بينها «حرب التحالف» و«القوى الموالية» لها في الحديدة، ووصفها بـ«العدوان».
تقرير لم يخل من النكهة السياسية
من جانبه، أكد الكاتب صالح علي الدويل، أن التقرير الأممي اعتمد على ما رفعته إليه منظمات تابعة للحوثيين وأخرى تتبع «الإخوان»، مدللاً على ذلك باستخدام مصطلحات، مثل العدوان وقائد الثورة ولم يقم حتى بحذفها، ما يعزز الشكوك. وأضاف الدويل إلى أن التقرير لم يخل من النكهة السياسية بشكل عام، حيث ذكر أمور وحوادث حدثت في الشمال عام 2014م، ولم يذكر اجتياح الميليشيات للمحافظات الجنوبية عام 2015م مع أن هذا الاجتياح يعد منافياً تماماً للمبادئ العامة للقانون الإنساني الدولي، كما أغفل التقرير كل العمليات الإرهابية التي كانت المحافظات الجنوبية مسرحاً لها إضافة إلى المجازر وتهديم وتفجير المنازل التي ارتكبها الحوثيون.