أزمة الريال.. حلول غير منضبطة وتواكل على التحالف
رأي المشهد العربي
أثارت القرارات التي أصدرها رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر بشأن محاولة إنقاذ الريال من الانهيار الكثير من التساؤلات حول مدى قدرة تلك الحلول في إنهاء الأزمة.
وشملت القرارات إغلاق الحسابات الحكومية في البنوك التجارية وحصرها في البنك المركزي اليمني، واستخدام الفائض من الأرصدة بالعملة الأجنبية للجهات والمؤسسات والصناديق الحكومية والعامة، لمواجهة أسباب انخفاض سعر العملة الوطنية.
وشملت القرارات تحديد حجم الأرصدة الخاصة بتلك الجهات بالعملة الأجنبية في الداخل والخارج ومقارنتها بخطة التدفق النقدي لاحتياجاتها من تلك العملات وتحديد الفائض منها في الأجل المتوسط على الأقل.
وتضمنت القرارات كذلك أن يقوم البنك المركزي باستخدام تلك الأرصدة الفائضة من العملات الأجنبية في تغطية الطلب على الدولار لأغراض استيراد المشتقات النفطية وبما يخدم تخفيف الضغط على الدولار ومنع تدهور قيمة العملة المحلية في الأجل القصير.
واعتبر محللون أن تلك القرارات غير مجدية كونها تدور حول المشكلة الأساسية ولا تحلها وهي سوء إدارة الجهات الحكومة خاصة وزارة المالية في إيجاد حلول ناجزة لتلك الأزمة.
وحمل المحلل الاقتصادي الدكتور أحمد قاسم حكومة الرئيس هادي المسؤولية الكاملة عن انهيار العملة الوطنية، مشيرا إلى أن الفساد الذي نشأ في ظلها غير مسبوق، مطالباً الحكومة بإجراءات صارمة لوقف عملية التدهور السريع للعملة.
وأكد قاسم في تصريحات صحفية أن هناك مجموعة من الأسباب الداخلية أو الخارجية التي أدت إلى هبوط سعر الريال اليمني مقابل العملات الأخرى، ومنها توقف عمليات الإنتاج في الداخل علاوة على السبب الرئيسي وهو تهريب العملات للخارج عن طريق عدد من المسؤولين في الحكومة بعد فتح عدد من محلات الصرافة دون ترخيص، التي تدفع مبالغ كبيرة في الدولار أعلى من السعر الحقيقي في السوق من أجل سحب العملة وتهريبها للخارج.
فيما يرى الخبير الاقتصادي هادي السلامي أن القرارات الجديدة التي اتخذتها الحكومة والتي لا تناسب الوضع القائم في اليمن، فلم تكن هناك أي إجراءات جدية من جانب الحكومة لوقف انهيار العملة.
وأوضح السلامي في تصريحات متلفزة، أن الحكومة هي المعني الأول بتلك الأزمة سواء من الناحية الاقتصادية أو الناحية العسكرية، فقد دعمت دول التحالف تلك الحكومة بالمال وبنواحي مادية ومعنوية ومع ذلك لم تحقق الحكومة أي تقدم يذكر سوى الانهيار ونزيف العملة.
بعض الخبراء ورواد التواصل الاجتماعي في اليمن يرون أن أحد أهم نقاط معالجة الأزمة هو إغلاق محلات الصرافة المنشأة بعد العام 2015 سواء كانت مرخصة أو غير مرخصة، وكذلك تقنين عملية خروج العملات الأجنبية من البلد برفقة المسافرين، بجانب عملية إعادة ضخ وتسويق النفط لجلب المزيد من العملات الأجنبية وإعادة تشغيل مصفاة عدن، بالإضافة إلى ضرورة دعم التحالف اليمن بمبالغ مالية كافية لوقف نزيف وانهيار الريال اليمني وتحقيق استقراره مؤقتا.
لكن الصحفي والمختص كمال السلامي قال إن الحوثيين يتحملون المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع المعيشي في مناطق سيطرتهم واليمن عموماً، وفي مناطق سيطرتهم لأنهم قائمون على موارد كبيرة كفيلة بتوفير الرواتب وكل الخدمات والاحتياجات، اقتصاد الحرب الذي حققوه ضخم إلى درجة يمكن وصفه بإمبراطورية مالية.
ومؤخراً وضعت الحكومة حزمة إجراءات التي سيتم تنفيذها بصورة عاجلة لوقف التدهور المتسارع واستعادة التوازن في مؤشرات منظومة الاقتصاد الوطني.
الأمر المثير للجدل في تلك الأزمة هو تأكيد اللجنة الاقتصادية على أن الهدف من كل المقترحات والإجراءات لن يتحقق إلا بالتنسيق والحصول على دعم الأشقاء في التحالف العربي بقيادة الأشقاء في السعودية، والتنسيق معهم في إخضاع جميع واردات البلاد من السلع للضوابط المالية والمصرفية التي سيتم إقرارها.
وفتحت تلك التأكيدات بعض الانتقادات على اللجنة بسبب محاولتها الانكفاء على حلول من طرف التحالف دون إيجاد حلول أخرى داخلية تمكن الدولة من الخروج من تلك الأزمات.
وبالعودة إلى الحكومة في مدار عام فقد اتخذت الكثير من القرارات التي وصفت بـ"المستحيلة"، وكان أبرزها إعادة تأهيل مرافق النفط والغاز لتعمل بكامل طاقتها لتغطية ما يمكن من الاستهلاك المحلي وتصدير الفائض، لتخفيف الضغط على سوق الصرف وتعزيز موارد البلد من النقد الأجنبي.
كما اتخذت آليات مؤقتة للحد من المضاربة في سوق العملات لتحقيق استقرار "ولو نسبي" في سعر صرف الريال والتحكم بالتذبذبات التي لا تبررها العوامل والمؤشرات الاقتصادية، واستكمال إجراءات التسهيل المقدم من مجموعة البنك الدولي لتمويل بعض الواردات وبأسرع وقت ممكن.
وأعلنت الحكومة خلال اليومين الماضيين عن اعتزامها البدء في التحرك لدى الدول الشقيقة للحصول على دعم مالي لتغطية الفجوة التمويلية التي تعاني منها البلاد، إضافة إلى التواصل مع الأصدقاء والمنظمات للحصول على بعض التسهيلات المتاحة لتمويل بعض جوانب الإنفاق الأخرى.