بعد انتفاضة الجنوبيين..المبعوث الأممي باليمن في ورطة
رأي المشهد العربي
يترقب أهالي الجنوب، نتيجةلقاء المبعوث الأممي لليمن، مارتن غريفث، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء عيدروس الزبيدي، الذي انعقد بدولة الإمارات العربية المتحدة بمشاركة قيادات بالمجلس.
وكان غريفث قد التقى الرئيس الزُبيدي، أمس الخميس، في العاصمة الإماراتية أبوظبي،وناقشا خلال اللقاء جهود السلام لحل الأزمة في اليمن، وجهود المبعوث الخاص لإحياء المفاوضات ومشاركة الجنوب، ممثلا بالمجلس الانتقالي الجنوبي، في المفاوضات القادمة.
كما ناقشا أيضاً اللقاء المستجدات الجارية في محافظات الجنوب، والانهيار الاقتصادي والخدمي والمعيشي جراء ممارسات الحكومة الفاسدة، في ضوء البيان الصادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويخشى الكثير من مواطني الجنوب أن يتخلى مارتن غريفث، عن مطالبهم كما فعل ذلك من قبل، عندما أعلن قبل فشل مفاوضات جنيف الأخيرة التي أجهضتها مليشيا الحوثي الانقلابية في شهر سبتمبر المنصرم قبل ولادتها، أنه لا مفر ولا مشاورات في اليمن دون مشاركة الجنوبيين في العملية السياسية باليمن.
وتخلفت مليشيات الحوثي الانقلابية عن حضور المفاوضات لإطالة الحرب في اليمن، لكن كان أحد أهم الأسباب التي أطاحت بالمشاورات هى عدم وضوح وصراحة المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن غريفث والذي راوغ في عرض الملف الجنوبي بهذه المفاوضات، وتخلى حينها عن الجنوبيين رغم عدم انعقادها.
ودائما قبيل انعقاد أي مفاوضات يخرج علينا المبعوث الأممي كعادته ليعلن عن التزامه بمشاركة الجنوبيين في العملية السياسية، وأنه لا سلام في اليمن دون أهل الجنوب، إلا أن ذلك لم يحدث وكانت تصريحاته حتى يسرق بعض الوقت وتنتهي المفاوضات دون وجود أهم فصيل في اليمن.
لكن هذه المرة الأوضاع تختلف، فمراوغات المبعوث الأممي تتزامن مع بيان الانتفاضة الذي أعلنه المجلس الانتقالي الجنوبي وتلقاه جموع الأهالي بالترحاب، بعد فشل حكومة هادي في جميع الملفات، أي أن المماطلة والمراوغة لن تجدي مع أهل الجنوب الذي عانى ومازال من تدهور الأوضاع الاقتصادية.
غياب أهل الجنوب عن المفاوضات السابقة التي لم تكتمل وفشلت بذريعة من الحوثيين، وتصريحات المبعوث الأممي بعد فشل المشاورات لعدم سفر مليشيا الحوثي لجنيف، وحديثه حول بدء المفاوضات من صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، يؤكد تواطؤ الأمم المتحدة مراراً وتكراراً مع الحوثيين الذين اشترطوا نقل جرحى من حزب الله الإرهابي وإيران مقابل الحضور للمفاوضات دون تطرق "مارتن غريفث" لتلك النقطة أو إصدار أي إدانة صريحة للمليشيا.
وفي مايو 2015، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، حينها بان كي مون، عن بدء محادثات مؤتمر جنيف بشأن اليمن في نهاية مايو، إلا أن الجنوبيين رفضوا تلك المفاوضات بعد إرسال اثنين ليسوا مكلفين من الحراك الجنوبي ضمن الوفود المشاركة، وهم "فادى حسن باعوم" وعبد السلام جابر الإعلامي الاشتراكي السابق.
فشلت مفاوضات جنيف 1 في سويسرا، وسط تواطؤ أممي مع الحوثيين، وانتهت الجولة الأولى دون التوصل إلى اتفاق.
واتهم وزير خارجية اليمن حينها رياض ياسين الحوثيين بإعاقة تحقيق تقدم في المفاوضات، إلا أنه عقب انتهاء المشاورات، خرج علينا المبعوث الدولي إلى اليمن في 2015، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قائلا: إن الجهود ستتضاعف لإيجاد حل سلمي للأزمة، دون التطرق لقضية الجنوب قبل أو خلال المفاوضات، متجاهلا توجيه أي إدانة لمليشيا الحوثي بعرقلة المفاوضات.
وفي أبريل 2016، انطلقت المباحثات الثانية، المباشرة بين الأطراف اليمنية المتنازعة في العاصمة الكويتية، برعاية الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وبدأت المفاوضات بعد تأخرها لثلاثة أيام، بسبب عدم وصول وفد المتمردين إلى الكويت في الموعد المحدد، دون التطرق إلى قضية الجنوب.
وقال وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، إن المحادثات اليمنية تهدف إلى إعادة إعمار اليمن وإحلال السلام، مضيفا أن دول الخليج ستعمل على تمويل مشاريع إعادة إعمار اليمن.
وقال وقتها المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن الوضع الإنساني في اليمن لا يحتمل الانتظار، مطالبا جميع الأطراف بالحضور للمفاوضات بحسن نية، وتقديم تنازلات بحثا على المصلحة العامة لليمنيين، وهذا لم يحدث وفشلت المفاوضات للمرة الثانية دون الاقتراب حتى ولو من بعيد على إدانة الحوثيين.
غياب الوفد الانقلابي الحوثي لم يفاجئ الكثير ممن كانوا يتوقعون أن تجهض المليشيات مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة وتباركها دول التحالف العربي، في ثالث مفاوضات بجنيف، فتخلّف وفد مليشيا الحوثي الإرهابية عن الوصول إلى مدينة جنيف السويسرية، لحضور المشاورات اليمنية الرامية للتوصل لحل سياسي للأزمة، كان متوقعا منذ زيارة المبعوث الأممي لصنعاء مؤخرا.
فشل حكومي
وبعد بيان الانتفاضة للمجلس الانتقالي الجنوبي واصطفاف جموع الشعب بكافة طوائفة، أصدر مجلس الوزراء اليمني، برئاسة أحمد عبيد بن دغر، بيانا هزيلاً، للرد على بيان المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي دعا فيه جماهير الشعب للانتفاضة، على الفساد وانهيار العملة، والمجاعة والأمراض وسوء المعيشة.
وبدلا من أن تبحث الحكومة عن حلول للأزمات، التي يعاني منها الشعب نتيجة الفساد الذي استشرى في المؤسسات الحكومية، لجأت إلى استخدام شعارات كاذبة، لن تفيد الشعب اليمني الذي أصبح على وشك المجاعة بسبب تعنت مجلس الوزراء في تنفيذ مطالبه.
وهاجم مجلس الوزراء حق الشعب الذي كفله الدستور والقانون، في التظاهر السلمي والانتفاضة على الأوضاع المعيشية الصعبة، واصفا هذه الدعوات بالفوضى وأنها تسعى إلى تخريب البلاد، في الوقت الذي صم فيه أذنيه، عن صراخ الملايين من أبناء اليمن، من الجوع والمرض والفساد.
وطالبت الحكومة بتوحيد الكادر المالي والإداري لجميع الوحدات العسكرية والأمنية، في إطار الكادر المالي والإداري لوزارتي الدفاع والداخلية، ودعوة الأطراف إلى منع صرف مرتبات للوحدات العسكرية والأمنية خارج إطار الدولة.
ويرفض رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، قضية الجنوب، ليبرر فشله وفشل حكومته في تطبيع الأوضاع بمدن ومحافظات الجنوب التي تدافع عن تراب الوطني لأخر رمق.
اعتراض "بن دغر" جاء بعد فشل حكومته سياسيا وعسكريا ولم تحقق على مدى سنوات طوال أبسط الأهداف الاستراتيجية لعاصفة الحزم التي تبنتها دول التحالف العربي بقيادة السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، بل كانت حجر عثرة في طريق الزحف إلى صنعاء واستنزفت التحالف العربي.