تحليل: خلفيات وملامح وأهداف التصالح السعودي الإيراني

الاثنين 25 نوفمبر 2024 22:30:11
تحليل: خلفيات وملامح وأهداف التصالح السعودي الإيراني

خلفيات وملامح وأهداف التصالح السعودي الإيراني

ثابت حسين صالح*

التقارب الدبلوماسي بين المملكة العربية السعودية وإيران يشير إلى احتمالية تغير جيوسياسي كبير في الشرق الأوسط.

ويشير هذا التصالح الذي يقترب من التنسيق وربما التحالف إلى تحول إقليمي نحو استقلال أكبر، مع وصول الرياض وطهران إلى قناعة بأولوية مواجهة التحديات المشتركة والابتعاد عن المنافسة العدائية.

ادت الحرب التي اشعلها الحوثيون عام 2015 بدعم كامل من ايران إلى تدخل المملكة العربية السعودية لدعم الرئيس بعد أن سيطرت مليشيات الحوثي الإرهابية على أجزاء كبيرة من البلاد ووصلوا إلى عدن عاصمة الجنوب.

كان التدخل السعودي الاماراتي قرارا ضروريا واضطراريا كجزء من استراتيجية أوسع لتقليص سلطة طهران من الامتداد إلى ما هو أبعد من لبنان وسوريا. 

لقد نظر السعوديون إلى تمرد الحوثيين باعتباره امتداداً لطموحات إيران في إقامة هلال ايراني، مما يهدد المملكة وكل دول الخليج.

وبالنسبة لإيران، قدم لها الحوثيون فرصة سانحة لتوسيع نطاق نفوذها إلى ما هو أبعد من حدود بلاد الشام.

ومن خلال دعم مليشيات الحوثي الإرهابية، أمكن لإيران أن تمارس ضغوطاً غير مباشرة على المملكة العربية السعودية وتحاول توريطها في حرب باهظة التكلفة ووجود قوى شمالية غير جادة وصداقة.  

هزيمة مليشيات الحوثي الإرهابية في الجنوب إضافة إلى صمود مأرب وتقدم القوات المشتركة إلى مشارف الحديدة أفشل خطط إيران بالسيطرة على المنطقة وخاصة الجنوب،...ما أوصلها (ايران) إلى الاستجابة للوساطة الصينية التي تمخضت عن الانفراج الدبلوماسي بين المملكة وإيران، العام الماضي، مما أدى إلى تحول كبير في التوازن الإقليمي.

يشير التطبيع الدبلوماسي بين الرياض وطهران إلى أن القوتين بدأتا تدركان حدود علاقتهما العدائية، وأنهما تستكشفان مستقبلًا بديلًا قائمًا على التعاون بدلاً من الصراع. 

وانعكس هذا التقارب على خطاب الحوثيين التصالحي مع المملكة، وإجراء جولات من الحوار بوساطة عمانية.

وهنا لابد من التنوية بأهمية دور الصين كوسيط في الانفراج السعودي الإيراني، فقد نشأت شراكة اقتصادية وسياسية مهمة بين الرياض وبكين، ويتجلى ذلك في استعدادهما المشترك لاستخدام اليوان في معاملات النفط، والمستوى العالي من التنسيق السياسي والبنية الأساسية عبر مبادرة الحزام والطريق الصينية، ورؤية المملكة العربية السعودية 2030، والدور المركزي لبكين في تخفيف حدة العداء بين طهران والرياض. علاوة على ذلك، يوضح النفوذ المتزايد لقوة خارجية، مثل الصين، استعداد السعودية لتنويع تحالفاتها والحد من اعتمادها على واشنطن، ويشير إلى إعادة التوازن للسياسة الخارجية السعودية لصالح نهج أكثر تعددية الأقطاب. 
الأولوية السعودية الآن لمصالحها الاقتصادية.

لقد كان لافتا تكثيف الخطاب السعودي تجاه إسرائيل وتبني مشروع حل الدولتين وربط أي تطبيع مع إسرائيل باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، واستنكار الهجمات الإسرائيلية على إيران.

بالنسبة للولايات المتحدة، يتحدى هذا التحول دورها الطويل الأمد كضامن أساسي للأمن في المنطقة ويعقد عملها المتوازن بين الالتزامات تجاه إسرائيل ومصالح الطاقة ونفوذها على الدول العربية.

مع استكشاف المملكة العربية السعودية وإيران لأرضية مشتركة، قد تشهد المنطقة تركيزًا للتضامن العربي وحلحلة لكثير من الأزمات.

بيد أن التحديات والمعوقات ما زالت قوية ، ويتوقف النجاح على فقط على صدق النوايا،بل وعلى نجاعة الحلول وواقعيتها وعدالتها.

*باحث ومحلل سياسي وعسكري