لماذا تنتشر عمالة الأطفال في صنعاء؟
منذ الانقلاب الحوثي وتتزايد حالات النزوح هربا من جحيم الحرب الحوثية، إلا أن غالبية الأسر النازحة لا تجد بابا للرزق سوى أن يعمل أبناؤهم حتى يوفروا ولو القليل من قوت يومهم.
وتقدر آخر الإحصاءات الرسمية أن عدد الأطفال العاملين في اليمن يفوق 400 ألف طفل عامل ينتمون للفئة العمرية (10 - 14 سنة)، نسبة الذكور منهم 55.8 في المائة، ونسبة الإناث 44.2 في المائة.
وتفيد منظمة العمل الدولية في تقرير لها بأن نحو 34.3 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً يعملون باليمن. وتشير إلى أن العدد في ارتفاع متواصل.
وتؤكد المنظمة وجود 1.4 مليون طفل يعملون في اليمن محرومين من أبسط حقوقهم، الأمر الذي يثير، بحسبها، حالة من الطوارئ تستوجب تحركاً دولياً للمساعدة على الحد من هذه الظاهرة.
ومع استمرار الحرب، ظلت أعداد كبيرة من النازحين (جلها أطفال ونساء) تتدفق إلى صنعاء من تعز، وحجة، وصعدة، ومحافظة الحديدة التي تتعرض مدنها لقصف متواصل وعنيف من قبل مسلحي المليشيات الانقلابية – بحسب الشرق الأوسط.
يعمل أسامة ابن الثانية عشرة سنة في بيع العلكة بينما تبيع شقيقته بشرى، وتصغره بعامين، نبتة «العنصيف» أو «العرار» الطبيعية التي تُستخدم بالأكلات الشعبية والتطبيب، في أحد شوارع صنعاء، ليعودا آخر الليل وهما يحملان بجيبيهما من النقود ما يسد بالكاد رمق والدتهما وشقيقتهما أميرة (4 سنوات).
أسامة واحدٌ من بين آلاف الأطفال اليمنيين الذين تكتظ طرقات وأحياء صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات بهم.. نزح الطفل وعائلته من منطقة التحيتا بالحديدة إلى صنعاء بعد مقتل رب الأسرة بقصف لجماعة الحوثيين على مدينتهم المكتظة بالسكان، فانبرى الطفلان للعمل بشوارع وجولات صنعاء رغم المخاطر وضعف بنيتهما في بلد يرزح أبناؤه تحت نيران حرب ضروس أشعلت فتيلها مليشيات الحوثي الانقلابية.
تقول أم أسامة لـ«الشرق الأوسط» إنها ليست راضية عن عمل طفليها الصغيرين لولا ظروف الحياة والنزوح القسري التي فرضت عليهم حسابات جديدة أجبرتها على القبول والرضوخ لهذا الأمر.
وتضيف أنها تسعى كل حين للعمل لكن دون جدوى، فأعداد النازحين كبيرة هنا، وصنعاء تفتقر إلى المؤسسات والمصانع التي توظِّف النساء، وهذا ما يزيد من صعوبة العيش.
ويتعرض الأطفال بشوارع صنعاء لبطش وابتزاز ومضايقات مليشيات الحوثيين، عبر قيامها بحملات نزول ترغمهم، بحسب معلومات أوردتها منظمات معنية بالدفاع عن الأطفال، على دفع مبالغ مالية كإتاوات وجبايات تحت أسماء عدة، أبرزها «المجهود الحربي».
ولأنه لا يلوح في الأفق بوادر حل سياسي قريب للصراع، فإن أسامة وشقيقته بشرى لن يجدا مناصّاً سوى مواصلة عنائهما حتى آخر الليل لتأمين عيش الكفاف لعائلتهما. أما الذهاب إلى المدرسة فحلم لم يعد يراودهما على الأقل في الوقت الراهن.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 2.7 مليون يمني قد نزحوا في الداخل بسبب الصراع، نصفهم من الأطفال.
ويعاني أطفال اليمن حالياً، ونتيجة استمرار انقلاب مليشيات الحوثي، من شتى أنواع الحرمان، ويتعرضون في حالات كثيرة إلى الاستغلال والعنف الجسدي والنفسي.
ويحذر ناشطون حقوقيون من احتمال ارتفاع نسبة عمالة الأطفال باليمن، نتيجة تصاعد عمليات النزوح الداخلي من المناطق الساخنة وتدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار واستمرار الانقلاب، ويؤكدون أن مستقبل الأطفال في خطر لاضطرارهم إلى مغادرة مدارسهم في سن مبكرة.