خيارات جريفيت عقب فشل مشاورات جنيف؟


توقعنا مسبقا الفشل لمشاورات جنيف بين الحوثة والشرعية. فلا وجود لقواسم مشتركة يمكن ان يبنئ عليها اي تقدم او إنجاز. فكلا له هدفه وله وسائله وتكتيكاته التفاوضية. فالانقلابيون يعملون من خلال مطبخ تفاوضي له أذرع خارجية، يديرون حوارات ولقاءات اهدافها وتكتيكاتها محدده سلفا، وعليها يبنون نقاط التحرك للقادم، لاشي يقلقهم ولا هزيمة تنتظرهم...العالم منذ بداية سبتمبر يتحدث عن اليمن وعن لقاء جنيف، استطاعوا الحوثيون ايصال رسالتهم الى العالم غير مكترثون بالسفر والوصول إلى جنيف. تلك الرسالة المتضمنه حقهم في رفع الحصار وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، والتزود بالاغاثة الانسانية وفي سفر جرحاهم للعلاج في الخارج.
قضايا لا يستطيع احد ان يعترض او يرفض مناقشتها، وهي تشكل مصدر قوتهم وحجتهم. لذلك فان الاجابات والرؤى التي تم  التوصل اليها بينهم وبين المبعوث الأممي هي في الحفض والصون لدى ذلك السيد جريفتس، يحتفظ بها بل ومقتنع بها، وهو من أعلن التزامه بنقلها الى الحكومة اليمنية في الرياض.
بالمقابل فان الحكومة اليمنية تعرضت لضغوط دولية وربما اقليمية تبحث عن حل للخروج من'' ورطة اليمن'' فهرولت إلى جنيف مراهنة بذلك على كسب ود المجتمع الدولي لا غير و على امل تسجيل نقاط لصالحها في محطات التفاوض لليوم وغدا، وهذا منطق غير مدروس و غير محسوب.
وهنا نلمس تعاطف المجتمع الدولي والمبعوث الخاص للامم المتحدة مع طرف الحوثيين واضح وملموس، ويحسب لهم انهم لم يسجلون اي اختراق لحرب طال امدها ولها قوى دولية مستفيدة من استمراريتها.
بعدم حضور الحوثيين الى جنيف أنتظر البعض ان يصدر المبعوث الدولي إدانة ضد الحوثيين. فمن كان يراهن على هذه الادانة من وجهة نظري لايفقه في السياسة ولا في فنون التفاوض الدبلوماسي ، فلا يعقل ان يوجه الوسيط إدانته لاحد الاطراف والتفاوض لم يتم بعد، وفي الوقت نفسه لازال في موقف عدم الاقرار بالفشل الذي فيما اعترف بذلك فمهمته كوسيط قد انتهت، بل ان اشاراته المبهمة والمدروسة بلغة الدبلوماسية الانجليزية تحمل رسائل لصالح الحوثيين واهمها، فتح مطار صنعاء والوضع في الحديدة. وهنا يلاحظ المراقب لمجمل التصربحات بان هناك تغير في اللهجة تجاه مصطلحات الحرب والانقلاب وفي حتى تداول المفاهيم لبنود القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن،  تحول باتجاه الترويج لافكار تطبيع الاوضاع والتهيئة للاعتراف بسلطة الامر الواقع.
بهذه الاتجاهات و بالتفاهمات بين المبعوث الدولي والحوثيين، فان الحوثيين سيحصلون على اجابات محددة على القضايا المشار اليها اعلاه على ضوئها سيستطيع المطبخ  الانقلابي ان يضع ويحدد خيارات وقضايا جديدة لتمييع القضايا الجوهرية وتفكيك القرارات الدولية، كما حدث في تقرير فريق الخبراء للنظر في الانتهاكات، والذي جاء لصالح الانقلابيين وعلى حساب قوات التحالف والشرعية، واثبت رخاوة  الدبلوماسية المشتركة للتحالف والشرعية تجاه تلك الجبهة الخارجية الحساسة.
 إجمالا استطاع الحوثيون وعن بعد ان يديروا حوارا  مشروطا بيافطات انسانية تتناسب والعقلية الاوروبية التي تتعاطف مع الجوانب الاخلاقية المبطنة بابعادها السياسية، وفي الاخير نجح الحوثيون في تحويل ''الشرعية '' الى مجرد معارضة قادمة من بلدان الشتات، بينما العالم يترقب ويتحدث وعلى مدى اربع ايام عن الوفد الحوثي القادم من صنعاء والذي بيده الحل لا غيره .
المراهنات على الحسم العسكري خيارات لم تؤدي إلى نتيجة مؤثرة على الارض، اربعة اعوام  من تبة إلى تبة ومن ابواب الحديد في صعدة إلى صحن الجن في مأرب واجازة دائمة لجبهات نهم، ارحب، البيضاء، وصرواح. بينما الشعب اليمني يموت جوعا، شمالا وجنوبا، وإحتجاجات البطون الخاوية تتعاظم ضد شرعيه لم تستطيع ان تتحمل مسؤوليتها الاخلاقية والانسانية، شرعيه ارتبط اسمها بالاغتراب وعدم القدرة على العيش والتعايش مع احوال مواطنيها، بينما روائح فسادها  فاحت بشكل كريه، حكومة تبحث عن مصالحها وزيادة نفقاتها وتتوسع في تعيين وزاراءها وسفاراتها غير ابهة بحال مواطنيها وانهيار الدولة وعملتها الوطنية.
الخلاصة من جنيف إلى المجهول والحرب إلى مزيدا من التصعيد والجوع والامراض والتشريد،  كوارث تتزايد وتحصد الضحايا تلو الضحايا
يقول البردوني رحمة الله عليه وكانه يقول لنا اليوم، ان عمر الحرب سبع سنوات عجاف :
حيث كنا، لكن لماذا أضعنا،
في التعاد سبعا وفيم الخصام؟
جرحتنا الحروب في غير شيء
 وبلا غاية دهانا السلام.
   هذا هو حالنا وترحالنا، كان الله في العون بني وطني الكرام.