ما يأكلك إلا قمل ثوبك!
أحمد أبو صالح
يواجه الجنوب، الذي استعاد قليلا من عافيته وشيئا من وضعه الطبيعي المفترض بعد حرب 2015، الكثير من المخاطر التي تهدد ما تحقق له من إنجازات ومكاسب خلال السنوات القليلة الماضية التي أعقبت حرب تحرير عدن ومحافظات الجنوب.
مخاطر كثيرة ومتنوعة تحدق به، وأعداء كثر يتربصون به يتحينون الفرصة فقط للانقضاض عليه لإرغامه على البقاء رهن الوصاية اليمنية ووأد كل جهود أبنائه في تحريره من قبضة الهيمنة اليمنية التي يعانيها باسم الوحدة اليمنية.
فحجم المؤامرة على الجنوب كبير جدا، ومستوى التحديات التي يواجهها أكبر، وتفوق إمكانياته خصوصا في ضل واقع تعاني فيه الوحدة الوطنية الجنوبية بعض المشكلات واستمرار الكثير من أبنائه في معاداته بوعي أو بدون وعي.
فبالعودة إلى حيثيات الأحداث السابقة التي قصمت ظهر الجنوب وأبقته تحت رحمة صنعاء وأنظمتها الدكتاتورية المتعاقبة نكتشف عددا من الحقائق المرة جدا، لعل أبرزها إسهامات أبناء الجنوب أنفسهم في انكسار الجنوب والتسبب في إذلاله وجعله ضعيفا تابعا لا حول له ولا قوة.
ففي هذا المضمار اعتبرت حرب صيف 94 دليلا كافيا لما قدمه الجنوبيون من خدمات لأعداء وطنهم ومساعدتهم في إبقاء قبضتهم الحديدية عليه.
واليوم والجنوب بدأ يخطو خطواته الحقيقية نحو استعادة دولته بفضل نضال وتضحيات شعبه ومواقفه المشرفة إلى جانب أشقائه العرب ومساهمته في مشروع حماية الأمن القومي العربي، هناك من الجنوبيين من لم يقتنع بعد بما وصلت إليه قضيته من حضور في أجندة الأشقاء والأصدقاء من حولنا.
اليوم والجنوب بدأ يحظى بدعم سياسي وإعلامي عربي غير مسبوق وميلاد أصوات عربية وأجنبية تنصفه وتسانده في تحقيق أهداف شعبه المظلوم، مايزال القليل من بني جلدتنا مواصلا التغريد بعيدا عن السرب الجنوبي.
اليوم وبعد توقيع اتفاق الرياض الذي كان فيه الجنوب ممثلا في المجلس الانتقالي ولأول مرة طرفا صريحا في حوار مع الحكومة اليمنية وبرعاية عربية ودعم دولي كبير حقق فيه، بحسب ساسة ومحللين سياسيين وصحفيين عرب وأجانب، انتصارا سياسيا هاما، نجد مكونات وقادة جنوبيين مسؤولين في الدولة وموالين لها وإعلاميين للأسف الشديد حاولوا تعطيل ذلك الحوار وعرقلة التوقيع عليه.
إذ حاولت تلك القيادات المحسوبة على الجنوب بكل ما امتلكت من قوة تعكير أجواء حوار جدة من خلال تصريحات صحفية غير مسؤولة وخطابات نارية تفتقر للحكمة والكياسة السياسية هدفت إلى تعطيل عملية الحوار وتوقيع الاتفاق وكل ذلك طبعا نكاية بالانتقالي ليس إلا.
وماتزال تلك القيادات والمكونات مستمرة بل مستميتة في محاولاتها تعطيل تنفيذ بنود اتفاق الرياض بل وإفشاله ودق أسفين الحرب غير آبهين بكلفة الحرب وانعكاساتها السلبية على المجتمع الجنوبي.
خلاصة القول تأكد للجميع أن ضرر البعض من الجنوبيين بقضيتهم ووطنهم وشعبهم لا يقل ضررا عن خطر الشماليين وصدق المثل الشعبي الشهير (ما يأكلك إلا قمل ثوبك).