إعلام عدن الرسمي (الكبير) وسياسة الوزير (الصغير) !!
أحمد أبو صالح
- الحرب على عدن
- إلى روح الشهيد "تاجرة" في ذكرى استشهاده الأولى
- نعم نريد الكهرباء ولكن هل نرفض المشاريع الأخرى ؟
- محافظ عدن .. واقع مر موجود ومجهود بلا حدود
قرأنا الكثير عن أسبقية عدن في معرفة الديمقراطية والتشريعات وشركات الطيران والملاحة الجوية والبحرية والمصافي والتلفزيون والصحافة المقرؤة والإذاعة والمسرح ودور السينما والأندية الرياضية وغيره من الأشياء قبل أن تعرفها الكثير من العواصم العربية والاسلامية.
كل تلك المميزات التي تفردت بها عدن منحتها الريادة بين نظيراتها من مدن الشرق ودونت اسمها في مقدمة ترتيب المدن المتحضرة.
وفيما كانت عدن قبل نحو ستون أو سبعون عام في المقدمة والمفترض أن تكون حالياً قد تقدمت أكثر أو احتفظت بموقعها المتقدم على الأقل في هذه المجالات ، لكن وللأسف الشديد انحدرت وهوت إلى مستوى سحيق اوصلها إلى الحظيظ ، فهاهي بعد تلك المسافة الزمنية الطويلة عادت عدن إلى حقبة ماقبل السبعين سنة بسنوات.
فعدن عاصمة الجنوب العربي ومن ثم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية فثغر اليمن الباسم والعاصمة الاقتصادية لاحقاً (بكما) بلا لسان تتحدث به وتغني وتشدو به وحتى تشكو وتناشد وتستغيث به.
عدن في العام 2021 بدون إذاعتها العريقة التي كان لها الأثر الإيجابي الكبير في تشكيل وعي الإنسان الجنوبي وثقافته وتكوينه الفكري ، وبدون قناتها الفضائية التي تعد من أوائل تلفزيونات العالم العربي ومن بين ثناياها خرج العشرات من أبرز المذيعين والمخرجين والفنيين الذي يشار لهم بالبنان ومن شاشتها عرف العالم هذا الجزء من الوطن العربي وتاريخه وثقافته وارثه الحضاري.
عدن في العام 2021 بدون صحيفتها العريقة 14 اكتوبر التي كان المواطن العدني يكحل ناظريه برؤيتها كل صباح ، مطلعاً على اخبار البلاد والعباد في الداخل والخارج ، وقراءة الاخبار الرياضية والأعمدة الصحفية وحل الكلمات المتقاطعة ، وبدون وكالة انباءها التي كانت المصدر الوحيد لنصوص وصوت وصورة كل اخبار قيادة الحزب والدولة وأنشطة الحكومة وسلطات المحافظات.
هكذا اصبح قطاع الإعلام في عدن الذي كان رائداً حتى قبيل النكبة عام 1990 وماتلاها من نكبات لحقت بالمدينة واخواتها الست الكبار والجنوب بشكل عام، وتلقى أعلامها الضربة القاضية في عام 2015 إذ تم قطع لسانها بخنجر النظام الحاقد على تاريخ عدن وارثها الثقافي والحضاري وبايادي من تولوا قيادة وزارة الإعلام والارياني معمر آخرهم.
فمن يصدق أو يجرؤ على التصديق أن اذاعات محافظات صغيرة وريفية تبث برامجها منذ سنوات وحتى اللحظة واذاعة عدن ماتزال متوقفة بإصرار غريب وعجيب من وزارة الإعلام وماتزال مسألة عودة بثها مرتبطة بمزاج الوزير "الصغير" وتحت رحمته ومصيرها مربوطاً بلحظة عطف وشفقة ورضاء من معاليه ، ومبنى تلفزيونها العتيق أضحى خرابة تنعق على اسطحه وفي نوافذه وبلكوناته الغربان وفي سقوف استيديوهاته وأركان مكاتبه وقاعاته تنسج العناكب خيوطها، بينما يتم استخدام اسمها وشعارها من قبل قناة أخرى تبث من الرياض لاتمت لعدن وعراقة قناتها التلفزيونية وحتى محتواها بصلة.
عدن اليوم يكسي الصدى حديد مطابع مؤسستها الصحفية الوحيدة وتضج أروقة مبنأها باصوات موظفيها الشاكية من توقف أو عدم انتظام صرف رواتبهم الشهرية وتشكو مكاتبها من فساد ومشاكل قيادتها، وهاهو مبنى وكالة انباءها الحديث خاوياً على عروشه جدران وبلاط مكسؤة باتربة التجاهل والتهميش تحاكي الزمان وتستحضر عنفوان ماضيها ، نادبة حظها العاثر باكية بمرارة على حاضرها المرير ، ووكالة انباءها لا يعدو مبنى حديث يخلو من الاثاث والأجهزة والصحفيين ومن كل شي تقريباً.
السؤال إلى متى ستبقى وسائل الإعلام الرسمي بعدن هكذا ومتى سيتحرر هذا القطاع "الكبير" من قبضة وعقلية وسياسة تطنيش الوزير "الصغير" ؟