هل ضاع الشمال إلى الأبد ؟

أحمد أبو صالح

هل أقتنع الشماليون بحقيقة الواقع الجديد على أرضهم والرضوخ الكامل له والاعتراف به وبالتالي التعامل والتعايش معه ؟

هل بحث شماليو الشرعية عن أرض بديلة لهم عن أرضهم الأصلية ليسكنوها ويحكموها، وهل وجدوا هذه الارض وشرعوا في تنفيذ مشروع احتلالها ومحاولة سكنها وحكمها؟

هل وصلت السعودية الشقيقة الى قناعة كاملة بإستحالة التخلص من الحوثي عسكريا وبالتالي ترك حبل شمال اليمن برمته على غارب عبدالملك الحوثي وجماعته؟

- هل ذهب الشمال إلى غير رجعة من أيدي قوى النفوذ التقليدية التي أحكمت قبضتها عليه لأكثر من ستون عاما؟

كل هذه الأسئلة أجاباتها ليست صعبة او مستحيلة بل اجابات موجودة وواضحة تؤكدها حقائق وشواهد الوضع السياسي والعسكري الراهن ، فحقائق ضياع الشمال واقتناع كل شماليوا الشرعية ومن قبلهم الاشقاء في المملكة العربية السعودية بها تتمثل في:

توقف العمليات العسكرية في كافة جبهات القتال التي يقودها الجيش الشمالي والقبائل التابعة له في تعز ومأرب والجوف ونهم وغيره من مناطق الشمال.
ابتعاد اعلام الشرعية وخطاب ساستها واعلامييها ونقادها ومحلليها السياسيين عن الخوض في تفاصيل استمرار ونتائج سيطرة مليشيات الحوثي على الشمال وانتهاكاتها الكبيرة بحق المواطن الشمالي وامتناعهم عن انتقاد توقف العمليات العسكرية في جبهات الشمال وتغاضيهم عن جريمة توقف كافة جهود محاربة المليشيات وتحرير الشمال منها.

- السيطرة على الترسانة العسكرية الضخمة التي تمتلكها الشرعية بأسم الجيش الوطني وسحبها من خطوط المواجهة مع الحوثيين وتوجيهها جنوبا وإعادة تموضعها في محافظات الجنوب والخوض بها حروبا مع الوحدات العسكرية والأمنية الجنوبية وفصائل المقاومة الجنوبية وقبائل الجنوب في محافظتي شبوة وابين (المحررتان) سعيا" الى الوصول الى العاصمة عدن (المحررة) والسيطرة عليها مجددا.

- تجنب التعرض للعدو الحقيقي وجرائمه بحق شعبهم وأختلاق عدو جديد لهم وهو المجلس الانتقالي الجنوبي ومن قبله القوات الإماراتية العاملة ضمن قوات التحالف العربي وشن حملة سياسية وإعلامية شعوا عليهما وتشويهمما ومحاولة دق اسفين الفتنة بين دول التحالف العربي من جهة وبين دول التحالف والانتقالي من جهة اخرى واستحداث وفتح جبهات جديدة مع الجنوبيين الأعداء الجدد لهم الذين عملوا جاهدين في مساعدتهم على تحرير شمالهم من المليشيات الحوثية وقدموا الآلاف الشهداء من أبنائهم في سبيل تحرير اراضي الشمال واعادتهم اليها.

- نسيان اتفاق استكولهم وبنوده ومراحل ومشكلات عدم تنفيذه تماما وتسليط الاضواء الاعلامية على اتفاق الرياض ومحاولاتهم المستميته في افشاله ليتسنى لهم تنفيذ مخطط انشاء الوطن الجديد لهم الذي هو بالطبع الجنوب.

ومن أدلة وتأكيدات ادعائي بضياع الشمال الى الابد من توجيه المملكة العربية السعودية الشقيقة بوصلة جهودها السياسية والعسكرية والانسانية جنوبا وإعادة ترتيب أجندتها واولوياتها بهدف تعزيز تواجدها بشكل دائم في الجنوب.
ذلك التوجه السعودي الذي مر بعدد من المراحل تمهيدا لتنفيذه لعل ابرزها دخولها اي السعودية مضمار التفاوض وخوض جولات من المفاوضات السرية مع المليشيات الحوثية بغية الخروج بحل سياسي سلمي يضمن لها امن عمقها وحدودها الجنوبية.
وربما يأت قرار الرياض في وضع قدم ثابتة لها في الجنوب في سياق ضمان حضور وتواجد عسكري وسياسي في المنطقة الحساسة والاستراتيجية التي تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لها من الناحتين الأمنية والاقتصادية.

كل ماسبق يؤكد ذهاب الشمال إلى غير رجعة واستحالة عودته بتلك الادوات الضعيفة وتلك الروح الانهزامية المسيطرة على الجيش والمجتمع الشمالي الذي ترك جمل وطنه بما حمل للحوثي وجماعته ومشروعه الطائفي الخطير واتجه إلى الجنوب طمعا في احتلاله مجددا ومن ثم حكمه وهو الشي الصعب بل المستحيل رضاء الجنوبيين به تحت أي ظرف من الظروف.


مقالات الكاتب