الجنوب يرتب أوراقه من جديد
رأي المشهد العربي
برهنت حالة الاستنفار التي بدت واضحة خلال الأيام الماضية في الجنوب على أن هناك رغبة في إعادة ترتيب الأوراق بما يدفع باتجاه تحقيق حلم استعادة الدولة والتعامل بشكل جدي مع المخططات الشمالية التي يجري نسجها بين المليشيات الحوثية الإرهابية وعناصر إخوان الشرعية وتمهد لتكرار أحداث أغسطس الماضي، وهو ما قابله أبناء الجنوب العربي بوعي كبير ظهر عبر التفاعل الكبير مع هاشتاج "جنوبيون نحن أصحاب القرار".
بعث أبناء الجنوب رسالة إلى القوى المحلية والإقليمية أيضا بأنهم وحدهم من سيقررون مصيرهم، وأنهم سيقفون أمام الغزاة بكل ما يمتلكون من قوة، وأنهم قادرون على إبعاد مخططات محاور الشر عن محافظات الجنوب التي استطاعت قواته المسلحة الجنوبية أن تسطر ملاحم عظيمة في مواجهة مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية، وشكلت تلك الرسائل دعما للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يوظف كل جهوده من أجل الحفاظ على حقوق الجنوب وتجنيبه شر الخطط والمؤامرات التي لا تتوقف.
رسائل أبناء الجنوب أكدت على أن الأساليب التي تتبعها أطراف إقليمية عدة لشراء ذمم شيوخ القبائل والقوى السياسية في الشمال لن تجدي نفعاً مع الجنوب، وأن شعب الجنوب لا يمكن مساومته على قضيته المصيرية مهما كان حجم الإغراءات، وهو ما يقطع الطريق أمام أي محاولة تستهدف استجداء الجنوبيين لخيانة وطنهم والتنازل عن حلمهم في استعادة الدولة.
بالإضافة إلى الرسائل الشعبية فإن هناك جملة من التحركات الأمنية التي صبت أيضاً في اتجاه ذهاب الجنوب نحو إعادة ترتيب أوراقه والتحلي بأقصى درجات الاستعداد للتعامل مع أي محاولة لإثارة الفوضى في العاصمة عدن باعتبارها خط أحمر ولا يمكن السماح بالعبث بأمنها واستقرارها، وهو ما أكدت عليه اللقاءات التي عقدتها قيادات المجلس الانتقالي مع القيادات العسكرية الجنوبية خلال الأيام الماضية.
ركزت تلك الاجتماعات على التطورات العسكرية في كل جبهات الجنوب، وبحث الإجراءات التي اتخذتها قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، لتعزيز الجبهة الداخلية وتأمين منافذ الجنوب لمنع تسلل العناصر الحوثية والإرهابية، بجانب بحث جهود توحيد الصف الجنوبي بما يضمن السير على طريق استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة.
إعادة ترتيب أوراق الجنوب تأتي على أساس الشراكة المتينة مع التحالف العربي، ليس بعيداً عن المملكة العربية السعودية كما يحاول البعض تصوير ذلك، وأن التصريحات المتباينة بين قيادات المجلس الانتقالي وقوات التحالف أكدت على وجود علاقات متبادلة بين الطرفين مبنية على الاحترام والتقدير، وهو ما يبرهن على أن الطرفين سيقفان بكل قوة في مواجهة التدخل التركي القطري السافر.