استراحة الحرب.. هل تنجح دعوة جريفيث هذه المرة؟
دعوة أممية جديدة صدرت عن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث، من أجل وقف الحرب لإتاحة الفرصة نحو كبح جماح تفشي فيروس كورونا.
المبعوث الأممي وجّه رسالة بمناسبة عيد الفطر، دعا فيها أطراف النزاع، إلى التخلي عن الحرب والانقسام والبناء على نقاط التقارب؛ مطالبا بتوحيد الجهود للاستجابة لتفشي جائحة كورونا.
وأعرب عن أمله في تحقيق الأمن والاستقرار المستدامين للجميع، وإعادة توجيه مسار البلاد نحو المصالحة والتعافي وتمهيد الطريق لمستقبل أفضل.
وكانت الأمم المتحدة قد قالت إنَّ نظام الرعاية الصحية في اليمن، انهار فعليًّا مع تفشي فيروس كورونا، مضيفة أنها تسعى لجمع تمويل عاجل.
وفي إشارة لمنظمات الإغاثة، قال ينس لايركه، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في إفادة بجنيف: "نسمع من الكثير منهم أن اليمن على الحافة الآن.. الوضع مقلق بشدة وهم يتحدثون عن أن النظام الصحي انهار فعليًّا".
وأضاف: "يتحدثون عن اضطرارهم لرفض مساعدة الناس؛ لأنهم لا يملكون ما يكفي من الأكسجين الطبي، ولا يملكون معدات وقاية شخصية كافية".
وأكّد لايركه أنّ العدد الفعلي لضحايا كورونا أعلى بكثير مما هو معلن، وتابع: "الأمم المتحدة تقول إنها ستسعى لجمع ملياري دولار لليمن؛ للحفاظ على استمرار برامج الإغاثة حتى نهاية العام".
وفي مطلع مايو الجاري، دقّت الأمم المتحدة ناقوس الخطر، حيث عبَّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، عن قلقه من خطر تفشي فيروس كورونا في اليمن.
وأكد في تصريحات إعلامية، أن فيروس كورونا يهدد كل المنطقة إذا استمر تفشيه في اليمن، ونبه إلى ندرة الموارد الطبية والكوادر البشرية في اليمن، مشيرا إلى أنها "مشكلة كبرى".
وطالب بوقف إطلاق النار في اليمن، معتبرا أنه خطوة أساسية للعمل الإنساني، وحذر من أن أزمة كورونا سترتد على الدول الغنية إذا لم يتم توفير تمويل لمحاصرته.
وكثرت التحذيرات من تفشٍ مرعب لجائحة كورونا في اليمن، في ظل الانتشار السريع للعدوى على النحو الذي لن ينجو منه أحد، لا سيّما أنّ العلم لا يزال يقف عاجزًا عن التوصُّل إلى لقاح لكبح جماح الفيروس.
ولا تزال تتوالى الدعوات من أطراف عدة، تُشدّد فيه على ضرورة الحل السياسي، في وقتٍ لا يزال المجتمع الدولي مطالبًا بالعمل على الضغط على المليشيات الحوثية لإجبارها على السير في طريق السلام.
أحدث الدعوات صدرت عن بلجيكا، حيث قالت سفيرتها لدى اليمن دومينيك مينور، في رسالة مصورة، إن بلادها طالما شاركت في حل النزاعات، مؤكدة أن اليمن يحتل أولوية لدى بلجيكا.
وشددت على دعم بلادها جهود المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، مطالبة أطراف النزاع ببدء مباحثات للوصول إلى حل سياسي دائم.
وأشارت إلى أنه من خلال شغل بلجيكا المقعد غير الدائم في مجلس الأمن، اتخذت تحركات لتسليط الضوء على قضية إقحام الأطفال في النزاع.
وقبل أسبوع، أكّدت صحيفة "البيان" الإماراتية أنَّ مبادرة السلام الأممية تنتظر رد مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، على المقترحات التي وضعها المبعوث الأممي في صيغتها المعدلة، خلال الأسبوع الجاري، خاصة بعد موافقة التحالف العربي عليها.
وحذرت الصحيفة، في تقرير، من احتمال اختلاق المليشيات الإرهابية، عقبات جديدة تحول دون إبرام اتفاق شامل لوقف إطلاق النار يمهد لمحادثات سياسية شاملة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر محلية مطلعة أن نقطة الخلاف التي لا تزال تنتظر موقف زعيم المليشيا الحوثية تتعلق بالمطالبة بإلغاء كل أشكال الرقابة الجوية والبحرية على تهريب الأسلحة.
وأوضحت أن المبعوث الدولي سيتولى مناقشة هذه النقطة، ويأمل أن يصل إلى اتفاق بشأنها حتى يتم توحيد الجهود لمواجهة جائحة "كورونا" بعد وفاة أكثر من 360 شخصا بأعراض شبيهة بهذا الوباء.
وفيما ينتظر ملايين السكان أن تتوّج جهود الأمم المتحدة بإحلال السلام، إلا أنّه لا يمكن التعويل كثيرًا على هذه الخطوة بالنظر لما أقدمت عليها المليشيات الحوثية على مدار السنوات الماضية من جرائم وانتهاكات أطالت أمد الحرب.
وارتكبت المليشيات الحوثية المدعومة من إيران الكثير من الجرائم ضد الإنسانية التي كبّدت المدنيين أبشع وأفدح الأثمان، في وقتٍ مارس فيه المجتمع الدولي صمتًا مرعبًا وتساهلًا مريبًا، مكّن المليشيات من التمادي في جرائمها.
ويُنظر إلى اتفاق السويد بأنّه الدليل الأكثر وضوحًا حول هذه الحالة من العبث، فعلى الرغم من مرور أكثر من عام على توقيع الاتفاق “ديسمبر 2018” وفيما قد نُظِر إليه بأنّه خطوة أولى على مسار الحل السياسي فإنّ المليشيات الحوثية ارتكبت أكثر من 14 ألف خرق لبنود الاتفاق.
لا يقتصر الأمر على هذا الأمر، بل تغاضت الأمم المتحدة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تجبر المليشيات الحوثية على الانخراط في مسار السلام من أجل وقف الحرب وإنهائها، وهو ما تسبّب في تعقد الأزمة وتكبيد المدنيين كثيرًا من الأثمان الفادحة.