الشرعية واتفاق الرياض.. بين التصعيد ضد الجنوبيين والانبطاح أمام الحوثيين
على الرغم من انقضاء المدة الزمنية لتنفيذ بنود اتفاق الرياض الموقع بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية، إلا أنّ "الأخيرة" تمارس مراوغات مفضوحة لإخفاء حقيقة تفخيخ لمسار الاتفاق.
في الوقت الذي تمارس فيه حكومة الشرعية العديد من الخروقات ضد بنود اتفاق الرياض، فإنّ هذا المعسكر يعمد إلى ترويج الأكاذيب حول التزامه بهذا المسار.
أحدث أكاذيب الشرعية صدرت على لسان الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي الذي قال إنّ اتفاق الرياض لا يزال خيارًا متاحًا وممكنًا ومخرجًا للأزمة.
منصور هادي في هذيانه، ادعى أنّ الشرعية تجنح إلى السلام وتحقن الدماء.
تصريحات هادي تثير ما يمكن أن يُطلق عليها "كوميديا سوداء"، فالإدعاء بالتزام الشرعية ببنود اتفاق الرياض يأتي في وقتٍ تمارس فيه حكومة الشرعية تصعيدًا عسكريًّا ضد الجنوب.
وفي ظل التصعيد ضد الجنوب، فإنّ حكومة الشرعية تمارس مزيدًا من الانبطاح أمام المليشيات الحوثية التي استطاعت أن تسيطر على مناطق استراتيجية مهمة بفعل تآمر مفضوح من قِبل الشرعية.
ويقول الناشط السياسي مالك اليزيدي اليافعي، إن حكومة الشرعية أصبحت غير مؤهلة لتنفيذ بنود اتفاق الرياض وذلك بعد خسارتها لعدة مواقع لصالح مليشيا الحوثي لعل أبرزها نهم والجوف وأجزاء من مأرب.
وكتب في تغريدة عبر "تويتر": "يجب أن تتغير بنود اتفاق الرياض السابقة لعدة أسباب أهمها أن مليشيات الإخوان كانت تمتلك نهم والجوف ومأرب واليوم خسرت نهم والجوف وأجزاء من مأرب فعلى ماذا يتم إعطاء الشمال النصف من المناصب".
وأضاف: "وحسب بنود الاتفاق ستنسحب مليشيات الإخوان من شبوة وأبين وهذا يجعلهم غير مؤهلين لخوض الاتفاق".
اتفاق الرياض أتمَّ الشهر السادس على توقيعه، ولا يزال يراوح مكانه، بعدما ناله الكثير من الخروقات الإخوانية التي سعت إلى إفشاله.
الاتفاق نصّ على تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 ديسمبر، وتعيين محافظ ومدير أمن جديدين للعاصمة عدن خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 20 نوفمبر، وتعيين محافظين لأبين والضالع خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 ديسمبر.
وتضمّن الاتفاق أن يباشر رئيس الحكومة الحالية عمله في العاصمة عدن خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ توقيع الاتفاق وذلك في 12 نوفمبر، وتعيين محافظين ومدراء أمن في بقية المحافظات الجنوبية من قِبل الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 يناير.
واشتمل الاتفاق كذلك على عودة جميع القوات التي تحرّكت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس الماضي إلى مواقعها السابقة خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 20 نوفمبر، ويتم تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 20 نوفمبر.
وجاء في بنود الاتفاق نقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج محافظة عدن تحدّدها قيادة التحالف خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 ديسمبر، وتوحيد القوات العسكرية وترقيمها وضمها لوزارة الدفاع وإصدار القرارات اللازمة وتوزيعها خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 يناير.
وورد كذلك في الاتفاق أن تتم إعادة تنظيم القوات العسكرية في محافظتي أبين ولحج تحت قيادة وزارة الدفاع خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 يناير، وإعادة تنظيم القوات العسكرية في بقية المحافظات الجنوبية تحت قيادة وزارة الدفاع خلال 90 يومًا من توقيع الاتفاق وذلك في 5 فبراير.
كل هذه البنود التي وردت في الاتفاق تعرّضت لسلسلة طويلة من الخروقات والانتهاكات التي ارتكبتها حكومة الشرعية المخترقة إخوانيًّا، عبر تصعيد عسكري واسع بالإضافة إلى محاولة التنغيص على الجنوبيين وافتعال الأزمات أمامهم.
على الرغم من تأكيد مختلف الأطراف الإقليمية والدولية على أهمية تنفيذ اتفاق الرياض وضرورته القصوى في ضبط بوصلة الحرب التي شوّهتها حكومة الشرعية المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني، إلا أنّ "الأخيرة" ارتكبت كثيرًا من الخروقات من أجل إفشال هذا المسار.
وفيما تضمَّن الاتفاق أن يتم تشكيل حكومة جديدة بما يعني استئصال النفوذ الإخواني من معسكر الشرعية، فإنّ حزب الإصلاح يواصل العمل على خرق بنود الاتفاق من أجل حفظ مصالحه وضمان بقائه في معسكر الشرعية.
في المقابل، فإنّ القيادة السياسية الجنوبية، ممثلة في المجلس الانتقالي، تواصل الالتزام ببنود الاتفاق حرصًا منها على تحقيق الاستقرار السياسي والعمل على إنجاح جهود التحالف العربي في مكافحة المشروع الحوثي.
الآن، وبعد مرور ستة أشهر على توقيع الاتفاق، وبعد الإفشال الإخواني المتعمد لبنوده، أصبحت كافة الحقائق جليةً أمام مختلف الأطراف لا سيما أمام التحالف العربي، في ما يتعلق بالالتزام الجنوبي السياسي بالإضافة إلى جهود القوات المسلحة الجنوبية في التصدي للحوثيين.
أمّا حكومة الشرعية، فهي إلى جانب خروقاتها لبنود اتفاق الرياض من أجل إفشال المسار السياسي، فهي تواصل الارتماء في أحضان قطر وتركيا وتملك علاقات نافذة مع المليشيات الحوثية، وهو ما يطعن التحالف العربي بخنجر الخيانة.
يُشير كل ذلك إلى أنّه لا يمكن التعويل على حكومة الشرعية، وأنّ بقاء الهيمنة الإخوانية على الشرعية سيظل حجر عثرة أمام تحقيق الحسم العسكري على الحوثيين وسيضر بجهود التحالف.