لا سلام بدون حل شامل لقضية الجنوب العادلة
رأي المشهد العربي
تتسارع وتيرة التحركات الدولية للضغط على المليشيات الحوثية من أجل الانخراط في مفاوضات سلام شاملة، وتتنوع المبادرات التي قدمتها أطراف دولية للمليشيات بحثا عن إقناعها بوقف إطلاق النار، بما يشي بأن هناك إرادة دولية لم تتوفر طيلة السنوات الماضية قد تكون مدخلا مهما للسلام.
لكن الأهم من ذلك أن يكون السلام شاملا بحيث يناقش كافة القضايا، ولا يركز فقط على وقف الإرهاب الحوثي المستمر طيلة السنوات السبع الماضية من دون أن يكون هناك حل شامل للأزمة بجميع أبعادها يضم القضية الجنوبية باعتبارها الركيزة الأساسية لإنجاح أي جهود سياسية مستقبلية تقودها الأمم المتحدة أو أي أطراف دولية أخرى بما يؤسس لبدء مرحلة جديدة بعيدا عن الصراعات التي أدت إلى أزمة إنسانية جديدة في العصر الحديث.
بالطبع لن يكون من مصلحة المليشيات الحوثية ولا الشرعية الإخوانية أن يكون هناك حل للقضية الجنوبية يضمن استعادة الدولة لأن التفاهمات التي جرت بين الطرفين بشكل خفي طيلة الأعوام الماضية قامت بالأساس على أن تهيمن المليشيات الحوثية على الشمال في مقابل اتجاه الشرعية الإخوانية القابعة تحت سيطرة حزب الإصلاح نحو الجنوب، وهي التفاهمات التي رعتها أطراف محور الشر القطري التركي الإيراني.
غير أن الانتقالي أثبت أنه رقم صعب ووقف في وجه تلك المخططات بعد أن طرد المجاميع الإرهابية من العاصمة عدن في أغسطس من عام 2019، وحصنها من أي محاولات اختراق تعددت طيلة العامين الماضيين واستطاع أن يفرض رؤيته الداعمة لاتفاق الرياض وصولا للتوقيع عليه وتنفيذ بعض بنوده، ولم تتمكن الشرعية الإخوانية من أن تخلق لنفسها بيئة حاضنة في الجنوب.
يواجه الانتقالي صعوبات مضاعفة في طريقه نحو عرض رؤيته للحل السياسي، إذ أنه يقوم بالأساس بتعريف المجتمع الدولي بقضية الجنوب وتصحيح كثير من الأكاذيب والشائعات بشأن ما يجري على أرض الواقع في محافظات الجنوب والعاصمة عدن، إضافة إلى التعامل مع تحالفات قوى الاحتلال اليمني الرافضة لاستعادة دولة الجنوب.
قطع الانتقالي شوطا طويلا في الطريقين وأصبحت القضية الجنوبية مثار اهتمام قوى إقليمية عديدة وفضح كثير من ممارسات الشرعية الإخوانية التي أنهكت أبناء الجنوب طيلة السنوات الماضية، غير أن ما يتبقى هو أن يتبنى المجتمع الدولي القضية العادلة لتكون على رأس طاولة التفاوض، وهو ما تركز عليه تحركات قيادات المجلس الانتقالي سواء عبر لقاءاتها مع الأطراف الدولية في العاصمة عدن أو من خلال تواجد وفد المجلس التفاوضي في العاصمة السعودية الرياض.
يعد حل القضية الجنوبية مدخلا مهما للاستقرار ليس فقط في اليمن ولكن أيضا على مستوى الأمن القومي العربي، لأن وجود دولة قوية ذات سيادة كاملة بالقرب من باب المندب والبحر الأحمر يقوض أي تهديدات إيرانية في المنطقة.