سرطان التحايل الإخواني ينهش الدول العربية.. أينما ظهروا حلت الانتهازية

الخميس 24 يونيو 2021 00:47:00
testus -US

في أي دولة ينشط فيها تنظيم الإخوان الإرهابي، دائمًا ما تكون عرضة لأساليب تحايل وتدليس يرتكبها هذا التنظيم، بما يكشف عن وجهه الحقيقي الهادف إلى تغليب مصلحة مشروعه على استقرار الدول.

في تونس، أعلن الحزب الدستوري الحر مقاضاة رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة الإخوانية المدعو راشد الغنوشي، بسبب اتفاقية تأسيس مقر لصندوق قطر للتنمية في تونس، والموقعة في مايو 2020.

الاتفاقية تتضمن إتاحة الفرصة أمام الصندوق لتملك أراض زراعية في تونس، وتنفيذ نشاطات تحت عنوان "المساعدات الخيرية"، وهو ما حذر منه سياسيون بإمكانية تحويل هذه الجهة إلى مصدر لدخول أموال مشبوهة إلى تونس.

وبحسب "الدستوري الحر"، يحاول الغنوشي فرض الاتفاقية الخاصة بصندوق قطر للتنمية على أعمال البرلمان دون مصادقة مكتب المجلس عليها ولا يتم عرضها للتصويت.

الخطوة الإخوانية وُصفت بأنها تعبّر عن مدى تحايل وتدليس التنظيم، وهو ما عبّر عنه الحزب الدستوري بقيادة النائب عبير موسى، قائلًا إنه إزاء إصرار راشد الغنوشي على تمرير الاتفاقية المشبوهة إرضاء للمحاور التي يدين لها بالولاء باستعمال الأساليب الملتوية وتدليس المحاضر الرسمية، وفي خرق جلي للنظام الداخلي وقرارات الجلسة العامة، فقد تم التقدم بشكوى جزائية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس في التدليس والتحايل ضد رئيس مجلس نواب الشعب وكل من سيكشف عنه البحث.

ووصف الحزب بنود الاتفاقية بـ"الاحتلال المفضوح للدولة التونسية وضرب لاستقلال قرارها الوطني ومحو لسيادتها على ترابها".

واعتبر الدستوري الحر، هذه الاتفاقية نقطة لم تتم المصادقة عليها من قبل مكتب المجلس ولم تُعرض للتصويت أساسا في ظل التغول والمغالبة التي تدار بها أشغال المكتب وعقده كليا عن بُعد في ظروف تقنية رديئة بغية إقصاء ممثلة كتلة الحزب ومنعها من مباشرة مهمتها.

من جانبها، اتهمت رئيسة الحزب عبير موسى، الغنوشي بأنه يستخدم أساليب ملتوية لإرضاء المحاور التي يدين لها بالولاء، واستنكرت إبرام هذه الاتفاقية التي وصفتها بالمشبوهة، وقال إن تونس بهذا الاتفاق ستتحول إلى جنة لتبييض الأموال وخرق قواعد الحوكمة السليمة.

ممارسات التحايل الإخوانية في تونس لا تختلف عن مثيلاتها في دول عانت من تدليس ومؤامرات هذا التنظيم، كما أن الجنوب عانى هو الآخر من وجه انتهازي للإخوان، عبر الذراع اليمنية، حزب الإصلاح.

فكما حدث في تونس من الاتجاه نحو تأسيس مقرات لتنظيم تعمل تحت غطاء العمل الإنساني، فقد توسع حزب الإصلاح في تأسيس منظمات مشبوهة وافتتح لها مقرات في محافظات مختلفة بالجنوب، وباتت هذه الجهات التي تتذرع بالعمل الخيري أشبه بغرف عمليات تدير وتُنسِّق الإرهاب الإخواني ضد الجنوب.

وسواء في الجنوب أو تونس أو غيرهما، فقد اعتمد تنظيم الإخوان بشكل كبير على إنشاء كيانات وجمعيات ومؤسسات تعمل على استقطاب الفئات الدنيا وتغازل الطبقات الفقيرة، عملًا على توظيفها وتحريكها بما يخدم في خدمة مشروع سياسي إخواني، وقد حدث ذلك في أكثر من مناسبة بالجنوب عبر حشد حزب الإصلاح أشخاصًا يحصلون على تبرعات أو مساعدات والإدعاء بتصويرهم على أنهم قاعدة سياسية وشعبية للتنظيم.

في الوقت نفسه، فقد عمل حزب الإصلاح عبر دعم منظمات تدعي العمل الإنساني على إفساح المجال أمام تدخلات قطرية وتركية في الجنوب، ولعل واقعة تهريب ضباط استخبارات أتراك عبر منظمة هيئة الإغاثة إلى محافظة شبوة بمساعدة إخوانية أظهر حجم تدليس حزب الإصلاح ومساعيه المشبوهة لاستقدام نفوذ هذه الدول الراعية لإرهابه.

انتهازية حزب الإصلاح تمثلت في استغلال قبضته على معسكر الشرعية، ووسّع دائرة اعتداءاته ضد الجنوب على مختلف الأصعدة، في محاولة لعرقلة الجنوبيين عن تحقيق حلم استعادة الدولة وفك الارتباط.

وحاول تنظيم الإخوان إغراق الجنوب بالجماعات والتنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة، مع إلحاق عناصر إرهابية تعمل تحت ما يُسمى بالجيش الوطني، الذي بات يضم مجموعة من العناصر المليشياوية الإرهابية.

ليبيا لم تسلم من الانتهازية الإخوانية، وعلى الرغم من تراجع شعبية التنظيم بشكل كبير بفعل التورط في قضايا الفساد، واستدعاء الاحتلال التركي، وميليشياته الأجنبية، فقد حاولت الجماعة مواجهة هذه الضربات معلنة تحولها إلى جمعية غير حكومية، وذلك قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المفترض إجراؤها في ديسمبر المقبل، والتي يحاول التنظيم أيضًا عرقلة مساراتها، برفض الاقتراع المباشر على منصب الرئاسة، والدخول في مساومات داخل مجلس النواب.

وأعلنت الجماعة بوضوح أنّ السبب وراء هذا التغيير هو تكثيف جهودها للتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة، وقالت إن مراعاة متغيرات الواقع أمر تقتضيه الحكمة، ويفرضه منطق العقل، وأنّ الجماعة تتعامل مع كل مرحلة بما تستحقها من مطالب الاجتهاد وواجبات التغيير.

بيان إخوان ليبيا الذي صدر الشهر الماضي، أظهر أن الجماعة الإرهابية تحاول الانقضاض على مفاصل العملية السياسية بغية تكوين نفوذ سياسي واسع النطاق يخدم الأجندة التوسعية لهذا الفصيل المصنف إرهابيًا لدى الكثير من الدول.

وردًا على ذلك، أطلقت دعوات سياسية للتحذير من المساعي الإخوانية الرامية إلى حرمان الليبيين من اختيار رئيسهم، وجعل الأمر بيد البرلمان، وهو الأمر الذي أثار غضب الليبيين، الذي رفضوا آليات الانتخاب الإخوانية.

الجزائر لم تنجُ من انتهازية تنظيم الإخوان، فمؤخرًا أجرت البلاد انتخابات تشريعية حاول التنظيم الإرهابي التحايل عليها، عندما روجت ما تعرف "حركة مجتمع السلم" - فرع التنظيم العالمي للإخوان بالجزائر - مزاعم عن تصدر نتائج الانتخابات النيابية والحصول على أغلبية مقاعد البرلمان الجزائري، في تكرار لسيناريو ما جرى في الانتخابات الرئاسية المصرية في 2012 عندما استبق الإخوان إعلان النتائج وأعلنوا من تلقاء أنفسهم فوز المدعو محمد مرسي على أحمد شفيق.

وأصدر الإخواني المدعو عبدالرزاق مقري رئيس جماعة الإخوان في الجزائر بيانًا زعم فيه تصدر التنظيم الإخواني نتائج الانتخابات التشريعية في جميع الولايات والجالية الجزائرية بالخارج، في محاولة للتحايل على العملية الانتخابية تقوم على التشكيك فيما يتم إعلانه من نتائج رسمية، التي كشفت فيما بعد عن تصدر جبهة التحرير لنتائج الاقتراع.

إقدام تنظيم الإخوان على خطوة كهذه مثلت حلقة جديدة ضمن مسلسل المتاجرة والأكاذيب وتلفيق الحقائق والتضليل، وهي من عادات الإخوان على أي أرض تطئها أقدامهم.