قمع احتجاجات شبوة.. الشرعية تفتح على نفسها أبواب جهنم

السبت 26 يونيو 2021 12:56:00
testus -US

كما كان متوقعًا ومنتظرًا، لبَّت الجماهير العريضة في محافظة شبوة، نداء الوطن واحتشدت بأعداد غفيرة في مواجهة سلطة الإخوان القمعية، التي تتمادى في انتهاكاتها ضد الجنوبيين، وتحديدًا في المحافظة الغنية بثروة نفطية ضخمة، تسطو عليها الشرعية.

احتجاجات شبوة نجحت حتى قبل أن تبدأ، ففي الوقت الذي كانت بوصلة التظاهر تتجه نحو منطقة عبدان، لجأت مليشيا الشرعية الإخوانية إلى اقتحامها وتطويقها وقصفها وتحطيم منصتها، وذلك لعرقلة إتمام الاحتجاجات، بما يعبر عن حجم المخاوف التي انتابت الشرعية من هذا المشهد.

بوصلة التظاهر تغيرت سريعًا، وذهبت إلى ناحية سقام بمديرية نصاب، وهناك تحدى المحتجون القمع الإخواني وأصروا على الاحتشاد بقوة جارفة، لتوصيل صوتهم للعالم أجمع، بأن الشعب الجنوبي، وتحديدًا مواطني شبوة رهن اعتداءات وانتهاكات واسعة النطاق تمارسها السلطة الإخوانية المحتلة للمحافظة.

لجوء الإخوان إلى قمع المسيرات، رغم أنها رفعت منذ اللحظة الأولى - ولا تزال - شعار السلمية، أمرٌ عبَّر عن حجم المخاوف التي انتابت الشرعية من خروج المحتجين، لما يلعبه ذلك من دور رئيس في فضح المؤامرات التي تنفذها الشرعية ضد الجنوب، سواء في الانتهاكات التي ترتكبها أو حتى على صعيد حرب الخدمات التي اشتدت ضراوتها في الفترة الأخيرة.

المخاوف الإخوانية تعلقت أيضًا بمحاولة العمل على عرقلة الجنوب من تحقيقه مزيدًا من الزخم لقضيته، إذ أن خروج المتظاهرين على هذا النحو وتسليط الضوء على الاحتجاجات الشعبية أمر مهم فيما يتعلق بلفت الأنظار إلى القضية الجنوبية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهو ما تتحسب له الشرعية جيدًا، وتستميت من أجل إفشاله.

كما أن خروج الحشود الشعبية في شبوة على هذا النحو ليس فقط يتعلق بالتنديد بالانتهاكات الإخوانية، لكن الأمر يحمل في طياته أيضًا مظاهرة تأييد جديدة من الجنوبيين نحو القيادة السياسية المتمثلة في المجلس الانتقالي، بما يقدم دليلًا جديدًا بأنه الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجنوبي وحامل لواء قضيته، وهذا التأييد يسبب هاجسًا كبيرًا للشرعية الإخوانية.

بالعودة إلى قمع الاحتجاجات، فإن المشهد الراهن يشير إلى أن الشرعية ربما فتحت على نفسها ما يُمكن وصفها بـ"أبواب جهنم"، وذلك بالنظر إلى ردود الأفعال على هذه الانتهاكات المروعة.

فمن جانب، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، على لسان متحدثه وعضو هيئة رئاسته علي الكثيري، أن الوفد المفاوض للمجلس سيكون له موقف تجاه ما يجري إذا ما استمرت تلك المليشيات في محاولاتها لقمع الفعالية السلمية بالمحافظة.

تصريح المتحدث يشير بكل وضوح إلى أن ملف الانتهاكات الإخوانية سيكون مؤثرًا على الوضع السياسي، وهذه رسالة تنبيه أو تحذير من المجلس الانتقالي للشرعية بأن تماديها في الانتهاكات التي ترتكبها ضد الجنوبيين لن تمر مرور الكرام.

وفيما لم يشر "الكثيري" إلى أي خيارات قد يلجأ إليها المجلس عبر وفده المفاوض في محادثات استكمال اتفاق الرياض، فإن الشعب الجنوبي يثق في أن قيادته السياسية لن تألو جهدًا في سبيل الدفع نحو وقف هذه الاعتداءات بكافة الخيارات المتاحة.

أضرار الشرعية في هذا الإطار، مرتبطة في الأساس بأنها تحاول إحداث حالة من الخمول فيما يتعلق بالوضع السياسي للجنوب، بمعنى أنها تحاول تثبيت الأمر الواقع حاليًّا، حتى إذا لم تعرقل عودة حكومة المناصفة إلى عدن، لكن ما يشغلها هو تثبيت الوضع الراهن بما يمكنها من استمرار سطوتها على الجنوب إداريًّا وتهديده عسكريًّا.

وبالتالي فإن أي خطوات تصعيدية قد يلجأ إليها المجلس الانتقالي ضد انتهاكات الشرعية، يعني أن "الأخيرة" ستتعرض لضغوط هائلة بما قد يمثل مكاسب واضحة للجنوب لا سيّما فيما يتعلق بضرورة إزاحة المحافظين الموالين لتنظيم الإخوان، وبينهم المدعو محمد صالح بن عديو في شبوة، إلى جانب تعيين مدراء جدد للأمن، إضافة إلى التأكيد على إشراك الجنوب في أي مفاوضات قادمة تؤسس لعملية سياسية شاملة، وهذا كله يحمل أضرارًا بالغة للأجندة الإخوانية المعادية للجنوب.

ضربة أخرى تكبّدتها الشرعية وردت في تعاطي الجنوب الاعتداءات الإخوانية، فما ارتُكِب من قمع حاد لمسيرات شبوة رد عليه الجنوب، عبر القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة شبوة التي أعلن رئيسها علي الجبواني إقامة انتفاضة شعبية في 7 يوليو المقبل بجميع مديريات المحافظة؛ ردًا على اعتداء سلطة الإخوان الإرهابية على المتظاهرين السلميين.

ومن المؤكد أن انتفاضة جنوبية تشارك فيها كافة مديريات شبوة ستكون أشد زخمًا وأكثر عمقًا فيما يتعلق بالمواجهة الشعبية السلمية للاعتداءات والانتهاكات التي ترتكبها السلطة الإخوانية في المحافظة، والعمل على فضحها على كافة الأصعدة وأمام مختلف الأطراف.

قمع مليشيا الشرعية الإخوانية لاحتجاجات شبوة شهد اليوم حدثًا غير معتاد، وهو يتعلق بمنظمات حقوقية دولية حرصت على إدانة الانتهاكات الإخوانية ووثقت حجم جرائمها فيما يخص حملة الاعتقالات وإطلاق النار على المتظاهرين، وهو ما يساهم في فضح الوجه الإرهابي للشرعية الإخوانية على الصعيد الدولي.