حرب الدولار.. الانتقالي يُحصن العملة المحلية من فساد الشرعية
رأي المشهد العربي
انطلاقا من دوره الوطني تجاه شعب الجنوب الذي يمثله في الداخل والخارج، تحرك المجلس الانتقالي الجنوبي سريعا على مستويات عديدة للتعامل مع أزمة تدهور سعر العملة المحلية التي تسبب فيها فساد الشرعية الإخوانية بعرقلتها أعمال حكومة المناصفة، وإصرارها على سرقة مقدرات المواطنين وتهريبها للخارج، الأمر الذي تطلب اتخاذ جملة من القرارات الاقتصادية التي تستهدف حصار ممارسات الشرعية، وسد المنافذ التي تؤدي إلى التراجع المستمر في قيمة العملة.
نجح الاجتماع الثاني الذي عقده الرئيس عيدروس الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، مع اللجنة الاقتصادية وجمعية الصرافين الجنوبيين، في إصدار مجموعة من القرارات من شأنها أن تساهم في الحد من الأزمة الحالية.
من أبرز تلك القرارات تحديد سعر صرف العملة المحلية بقرار يصدر من الجمعية ومتابعة الجهاز الأمني والرقابي بالمجلس.
استهدف هذا القرار تحقيق عدة أمور في آن واحد، أهمها عدم إتاحة الفرصة أمام قوى محسوبة على الشرعية للتلاعب في أسعار العملات بإيجاد فوارق كبيرة في أسعار البيع والشراء، بالإضافة إلى وقف الزيادات المضطربة في أسعار السلع والخدمات التي ترتبط مباشرة بقيمة العملة التي تتغير بين ليلة وضحاها نتيجة عدم الاستقرار الذي تشهده السوق في الوقت الحالي.
ومن أبرز ما أسفر عنه الاجتماع أيضا الاتفاق على عدم السماح بخروج العملة الصعبة من الجنوب وفي الوقت نفسه السماح بدخولها، بالإضافة إلى عدم السماح لنقاط البيع بالعمل على المكشوف، وتنفيذ التعميمات الصادرة عن جمعية الصرافين التي كانت أكدت أن الوضع الحالي بحاجة إلى ترشيد المعروض من العملة، لأن البنك المركزي غير قادر على ضبط الفروع.
ويتوافق العديد من الاقتصاديين على أن الأزمة الحالية سببها الشرعية الإخوانية التي أخطأت في رفع الدولار الجمركي دون تحديد كلفة الشراء، وأبدوا تخوفهم من تحديد رسوم جمركية غير موحدة من ميناء إلى آخر، بالإضافة إلى وجود استثناءات للقيمة المُضافة على بعض التجار وصلت إلى نحو 70 مليار ريال، كما أن كثير من شيكات الضمان يتم تأجيلها والخصم عليها.
تُعبر هذه الاستثناءات عن أن المشكلة ليست اقتصادية فحسب، لكنها ذات أبعاد سياسية أيضًا لخدمة رجال الأعمال والتجار التابعين للشرعية على حساب المواطنين الأبرياء الذين يعانون ويلات الأزمات الاقتصادية وتردي الخدمات العامة، وهو ما يؤكد على أن هناك إصرارا من جانب الشرعية على توظيف مقدرات الجنوب لعقاب المواطنين الأبرياء بدلا من أن تعود بالنفع عليهم.
وارتفع الدولار إلى مستويات جديدة، مع افتتاح تعاملات الاثنين، في أسواق الصرافة، مقابل العملة المحلية، بعد يومين من الهدوء، حيث بلغ سعر شراء الدولار الأمريكي في العاصمة عدن 1008 ريالات في حين بلغ سعر البيع 1015.
وتضمنت قرارات الانتقالي للتعامل مع عبث الشرعية أيضا تكليف وزرائه بحكومة المناصفة بالضغط على الحكومة لترشيد الاستهلاك، وعدم التعامل بالعملة الصعبة ببيع وشراء المنتجات المحلية، وضبط الصرافين غير المُرخصين، ومحاسبة غير الملتزمين منهم بالأسعار.
الأمر المهم في الاجتماع - الذي عقده الانتقالي في حضور وزير النقل في حكومة المناصفة الدكتور عبد السلام حُميد - أنه أعطى مساحة حركة للصرافين في العاصمة عدن بالتوصل إلى مخرجات عملية لتكون بمثابة قرارات يُعمل بها، وتُساعد على استقرار العملة المحلية، ما يؤكد على أن هناك ثقة في أن أبناء الجنوب لديهم حرص على مصالحهم الاقتصادية بعيدا عن المؤامرات التي تنسجها أطراف معادية وتستهدف إغراقه في الأزمات المختلفة.
وأحسن المجلس الانتقالي التشديد على أهمية الوصول إلى مخرجات نافعة للموطن الجنوبي، واعتمادها كبرنامج عمل فعلي؛ بما يُساهم في التخفيف من معاناة المواطنين، خاصة في هذا الظرف الحرج الذي تخلى فيه أعضاء الحكومة والبنك المركزي عن التزاماتهما.
يرى مراقبون أن وجود رؤية اقتصادية ثاقبة للمجلس الانتقالي تقلل من الآثار السليبة لحرب الدولار التي تشنها الشرعية وذلك بإصرارها على تهريب العملة للخارج والمحافظات الأخرى وإصرارها على تهريب المشتقات النفطية وتوجيه عوائدها لتمويل عناصرها الإرهابية، تحديدا وأن كمية العملة في العاصمة عدن يمكن أن تغطي المواد الأساسية، وبالتالي فإن الأمر بحاجة إلى قرارات تنظيمية تعالج الفوضى الحالية.