مآلات حرب أوكرانيا.. هل يدفع اليمن ضريبة احتمالات التقارب الأمريكي الإيراني؟
منذ أن اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، أثيرت الكثير من المخاوف على مستقبل الوضع في اليمن، ومدى إمكانية تأثره بمآلات الصراع المحموم في أوروبا والذي يُوصف بأنه غير مسبوق منذ فترة الحرب العالمية الثانية.
حرب روسيا مع أوكرانيا وإن كانت تحمل طابعًا سياسيًّا بين موسكو والغربيين في ظل مساعي كييف للانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، إلا أنّ تأثيرات هذا الصراع لن تقتصر على نطاق القارة التي ظلّت مستقرة لعقود، بينما من المتوقع أن تمتد هذه التأثيرات لتصل إلى مناطق شتى.
تعج الحرب القائمة حاليًّا بالكثير من التفاصيل الدقيقة حول إصرار روسي على المضي قدمًا في عمليتها العسكرية ومساعي الغرب لمحاصرتها بالعقوبات كسيناريو مواجهة لا يرتقي إلى حد الاشتباك مع الروس، بيد أن سلاح العقوبات يحمل تأثيرات خطيرة على البشرية أكملها، وتحديدًا على قطاع الطاقة باعتبار أن روسيا أكبر مورد للغاز على مستوى العالم.
وجاء قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بفرض حظر على وارادات النفط الروسي ليضرب سوق الطاقة ويرفع من سعر برميل البترول ويبلغ أرقامًا مهولة إذ تخطى 200 دولار للبرميل، ومتوقع له أن يتضاعف سعره في الأيام المقبلة.
سيناريوهات عديدة بدأ البحث عنها للخروج من هذا الملف الضيق، وهنا بدأ الحديث عن إيران، إذ لوحظ في الفترة القليلة الماضية تسارع إيجابي في الأحداث لصالح التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، وقد لوحظت حالة من التغير في اللهجة الدبلوماسية من قبل الغرب حتى بات التوصل للاتفاق متوقعًا أكثر من أي وقت مضى.
قرب هذا التوافق أثار تساؤلات عن توقيته في هذه المرحلة بالذات، وهنا ربط محللون الأمر بأن الولايات المتحدة تجهز إيران كبديل قوي لصالح تصدير الغاز بدلًا من روسيا، وهذا سيتطلب التراجع عن العقوبات المفروضة على طهران، وقد يكون هذا ممكنًا بشكل كبير مع التوافق أكثر فيما يخص الملف النووي.
وفيما تنهي احتمالات هذا التوافق حقبة طويلة من التوتر بين إيران والغرب، أو على الأقل تُقلِّل من حدتها، فإنّ التخوفات أثيرت من أن يكون اليمن هو يدفع ضريبة هذا التوافق، وذلك من خلال السماح للمليشيات الحوثية بالحضور بشكل فاعل على الأرض في مستقبل ما بعد الحرب.
وهناك أدلة تعزّز من هذا الطرح، يتصدرها التعامل الرخو من قِبل الغرب مع الإرهاب الحوثي، والحرص على التفاوض مع المليشيات في إطار عملية سياسية، مع إغفال بشكل واضح وربما متعمد، لحجم المآسي التي خلّفها الإرهاب الحوثي على مدار الفترات الماضية.
خطورة هذا الأمر لا تتعلق بأن إيران تريد الحوثيين كمشروع سياسي قائم على الأرض بقدر ما تعمل على توظيف المليشيات كسلاح لاستنزاف المملكة العربية السعودية على وجه التحديد، ومن ثم فإنّ تثبيث حضور للحوثيين على الأرض سيكون أمرًا خطيرًا على المستقبل الأمني وكذا السياسي.