باننتع الجنوب
محمد عبدالله الموس
«باننتع الجنوب»، كانت جملة قالها الأخ أحمد سعيد بن بريك، رئيس الجمعية الوطنية، ردا على إحداهن من أولئك الذين يمارسون السياسة والصحافة من أعلى حناجرهم ولا يفرقون بين الصحافة كصانعة وعي وبين حرفة كسبيل لحزم البنكنوت، وبين حامل سياسي لقضية وطن وهوية وحكومة هي مسؤولة عن تلبية حاجات الناس معيشيا وخدميا وأمنيا وغير ذلك.. لكن ما علينا من حالة الزبد هذه التي تحاول أن تغطي على سيل جارف بدأ جريانه في 7/7/2007 وبلغ الزبى في 8/7/2018.
بين يوليو 2007 ويوليو 2018 مرت أيام وشهور وسنوات عجاف قدم خلالها أبناء الجنوب تضحيات جسيمة، وشهدت هذه السنوات كثيرا من فقاعات الزبد التي ذهبت جفاء، ولا يفكر أحد أن تضحيات شعب الجنوب قابلة للمساومة، أو أنها معروضة في أسواق النخاسين الذين يبحثون عن مكاسب ومغانم شخصية، فهم، قبل غيرهم، يدركون أنهم طبول للإيجار لن تغير في حركة السيل الجنوبي شيئا، وقد كان الرئيس صالح أشطر وأقوى.
كانت جلسات دورة الجمعية الوطنية التي امتدت من 8 إلى 10 يوليو 2018 عبارة عن ورشة عمل كبيرة أدارها الأخ أحمد سعيد بن بريك باحترافية عالية لم أكن أتوقعها من قائد عسكري قضى من حياته 45 سنة عسكريا، كما صرح بذلك، كان مستوى التنظيم فوق الممتاز وكان أسلوب المناقشات احترافيا حسب تخصصات الأعضاء، لم يكن هناك أعضاء خارج المناقشات ولم تكن القرارات أو البيان الختامي مطبوخة سلفا، فقد ولدت من رحم قاعة الجلسات، بجملة أخرى، لم تكن دورة لرفع الأيدي فقط.
كان أعضاء الجمعية الوطنية يدركون دقة الوضع العام، ويدركون أنهم تحت مجهر الشارع الجنوبي، ويدركون أن هناك من يصطاد في الماء العكر، ويدركون أن قوى الإقليم والمصالح الدولية تنتظر ماذا سيقولون، ويدركون أهمية التوافق الجنوبي الجنوبي، لهذا كانت النقاشات شفافة، وكانت تستمر حتى خلال الاستراحة بين الجلسات، وكانت قرارات وبيان دورة الجمعية الوطنية واضحة فيما يخص شرعية الرئيس هادي، وواضحة فيما يخص العجز الحكومي، وواضحة في الموقف من التقارب الجنوبي الجنوبي بصورة لا تقبل اللبس أو التأويل، كما كانت واضحة من الشراكة مع التحالف ومع مصالح الآخرين في الإقليم والعالم.
يقولون إن اللوحة الجميلة تتكون من تفاصيل صغيرة جميلة، وقد أبدعت سكرتارية الجمعية الوطنية والهيئة الإدارية في صناعة التفاصيل الصغيرة التي أوصلت إلى اللوحة الجميلة، وأثبتت دورة الجمعية الوطنية أن قطار الجنوب يسير نحو محطة (نتع الجنوب) وفيه متسع لركوب الجميع، ومن أبى سيجد مكانه في محطة الوصول.