بين المسؤولية والصلاحية
في خطوة كانت ضرورية، أصدر المحافظ أحمد لملس قرارات بتكليف مدراء عموم لمديريات محافظة عدن، ولمدراء عموم مؤسستي الكهرباء والمياه، وتكمن ضرورة هذه القرارات في جزئية واحدة وحيدة وهي أن كل من أسند لهم التكليف اصبحوا يستمدون شرعية وجودهم الوظيفي من شخص المحافظ بوصفه مسؤول عن المحافظة في نظر الناس، وأمام الجهات الاعلى، وبالتالي فليست هناك مظلات جانبية يحتمي بها أي مسؤول.
لا نستطيع إتهام أي من المدراء السلف بالإخفاق، فلنا معرفة شخصية ببعضهم وزمالة ببعض آخر، ونعرف قدراتهم وحرصهم على تقديم شيء للناس، وشاركنا بعضهم بعض الهموم، لكن البيئة الإدارية التي كانوا يعملون فيها لم تكن مواتية بالمرة، ونستطيع القول أن صلاحيات بعض المدراء لا تتجاوز بوابة مكتبه، وهذه من النقائص القاتلة في العمل الإداري، إذ كيف لي أن احاسب مسؤول على مستوى أداءه دون أن تكون لدية الصلاحية الكاملة في إتخاذ القرارات التي تخدم تحقيق مهامه.
ستتكرر حالة العشوائية والتخبط مع المدراء الجدد اذا بقيت البيئة الإدارية كما هي دون تصحيح أو مراجعة، وعدن كمدينة عريقة، في كل شيء، تستحق أن تحظى بكوادر مدنية وامنية تعيد لها مكانتها وريادتها التي فقدتها خلال سنوات العبث الوحدوي وما تلاها بعد تحريرها في يوليو 2015م.
بالقدر الذي نعلن دعمنا لمحافظ عدن لينال كافة الصلاحيات التي تمكنه من أداء مهامه التي تنتظرها عدن واهاليها منه، فإننا ندعوه إلى تمكين مدراء المديريات من فرض سلطاتهم في جغرافيا مديرياتهم بحيث تصير كل الأجهزة المدنية والأمنية تحت سلطتهم بشكل مباشر مع عدم تدخلهم في المؤسسات السيادية الواقعة في اطارهم الجغرافي.
أن الموازنة بين المسؤولية والصلاحية هي وحدها الكفيلة بخلق بيئة إدارية سليمة تبين مكامن الخلل وتضع حد للتجاوز والعبث، ليس أقله(سعار الأراضي) التي تحولت معه مكاتب بعض المسؤولين إلى (مكاتب عقارية) تعقد فيها الصفقات التي تشرعن السطو على أراضي عدن، خاصة وعامة، تجاوز الشواطئ والمتنفسات ليصل إلى الشوارع والطرقات، وغيرها من صور الخلل التي تحتاج إلى صحوة مجتمعية تعيد لأهل عدن ايجابيتهم المعهودة، وتمسح غبار الضيم عن وجه عدن البهي.