(الجنوب ) .. من الاستقلال الأول إلى الاستقلال الثاني 

عادل العبيدي

أيام معدودات ونحتفل بالذكرى الحادية والخمسين ، لذكرى استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني ، وإعلان دولته المستقلة ذات السيادة ، في هذه الأيام وفي قنوات وإعلام ماتسمى الشرعية نراها تتباهى بشعار ذكرى استقلال الجنوب الحادي والخمسين الموجود على قنواتهم ، طبعا هم لهم مقاصدهم الانتهازية من ذلك التباهي ، الذين بين الحين والآخر يعطون فقرات برامج أو مقاطع صور عن ذلك الاستقلال ، الذي فيه لا يعلمون أنهم يقدمون للجنوبين خدمة كبيرة ، منها يوضحون للعالم حقيقة أن الجنوب كان دولة مستقلة ذات سيادة ولوقت قريب ، وأيضا أحقية الجنوبين في ثورتهم المطالبة استعادة دولتهم (الحصول على استقلالهم الثاني) ، لكن ومن المغالطات المزمنة لقوم ماتسمى الشرعية و من القائمين عليها وعلى قنواتهم الإعلامية ، تجد ألسنتهم تنعقد لا يقدرون على النطق بالحقيقة ، وإذا نطقت ألسنتهم لا تنطق إلا كذبا ومخادعة ، عندما يطلب منهم ، أن يعترفوا أن الجنوب وإلى قبل عام 1990م كان دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في منظمة الأمم المتحدة ، بل أن رؤوسهم تتصدع من ذلك السؤال ، ولايعترفون البتة أن الجنوب بالفعل كان دولة مستقلة ، وهذا يدل على أن ما نشاهده في قنواتهم الإعلامية من أفراح وأغاني وتهنئات في ذكرى ثورة 14 أكتوبر ، وفي ذكرى استقلال الجنوب ، ليست إلا أحد أنواع إنتهازيتهم السياسية الممارسة ضد الجنوب وشعبه وقضيته .

من الاستقلال الأول للجنوب ستؤخذ بعين الاعتبار كل العبر والدروس من كل الأخطاء التي رافقت نظام دولة الجنوب السابقة ، التي كانت سببا لوقوع الجنوبين في فخ ماتسمى (الوحدة اليمنية المشؤومة) ، وستكون دولة الجنوب التي سيعلن عنها بعد الاستقلال الثاني للجنوب أن شاء الله ، دولة خالية ومنزهة من كل تلك الأخطاء السابقة ، وذلك لأن الجنوبين في دولتهم الجديدة سيكونون هم فقط الذين سيديرون دفة الحكم فيها ، وهم فقط الذين سيحددون شكل نظام الحكم فيها ، ولن يقبل أبناء الجنوب أن يكون وطنهم مرهونا بيد أبناء الشمال وتحت سيطرتهم ، الذين يحاولون هذه الأيام وبصفة دولية عن طريق المفاوضات الأممية جعل الجنوب تابعا لهم ، من خلال إصرارهم على أن يكون الحل الأممي لمشاكل اليمن وفق تمسكهم بالمرجعيات الثلاث .

لذلك فأن الجنوب مستقبلا ؛أي بعد الاستقلال الثاني لن يسمح لأي من أبناء الشمال أن يشاطروا الجنوبين الحكم أو تحديد نوعية الحكم لدولتهم الجديدة ، لإدراك الجنوبين أن كل المصائب التي لحقت بالجنوب وبمنطقة الجزيرة والخليج من بعد استقلال الجنوب الأول ، إلى الوحدة المشؤومة ، إلى حرب الحوثي ، قد كان أبناء الشمال هم السبب الأكبر فيها ، ومازال الجنوب يتذكر ذلك ولم ينس ، عندما سمح لأبناء الشمال الوافدين إلى الجنوب الحاملين أفكارا ونظريات لاتصلح أبدا للحياة العربية الإسلامية ، أن يشاطروا أبناء الجنوب في حكم الجنوب وفي تحديد نظام الحكم فيه بعد الاستقلال الأول وفق تلك الأفكار والنظريات التي جاءوا يحملونها ، والتي بسببها و بتآمر منهم جعلوا الجنوب في عزلة عن محيطة الإقليمي والعربي.

الاستقلال الثاني للجنوب سيكون بعيدا كل البعد عن ذلك ، وعلى أن يقع في فخ الشمالين مرة آخرى ، مهما كانت الذرائع والمسميات التي سيطرحونها في المفاوضات ، التي بها يؤمنون بقاء الجنوب تابعا لهم ، وسيكون الجنوب باستقلاله الثاني قريبا كل القرب بعلاقاته الأخوية الصادقة المخلصة مع دول المنطقة العربية والخليج ، خاصة بعد أن أتضحت الرؤية من بعد حرب الحوثي ، أن أنظمة الشمال قاطبة ، من نظام صالح إلى نظام ماتسمى الشرعية إلى نظام الحوثي.
جميعها كانت ومازالت مصدر قلق لدول الجوار ، بينما الجنوب أصبح مصدر أمن واستقرار دول الجوار الشقيقة.





مقالات الكاتب