يالله بالمطر والسيل

محمد عبدالله الموس

علي أن اعترف أن هناك شيء يستحق الاعجاب في ممارسات خصوم الحق الجنوبي في دأبهم على التشكيك والتثبيط وتمنية النفس بالميئوس منه في حالة يمكن أن نطلق عليها (إصرار اليائس) على الدفاع عن حلم فات أوانه.

عندما قال المرحوم عبدالكريم الارياني وزير خارجية غزو ١٩٩٤م (لقد ابتلعنا الجنوب ولم يبق لنا إلا هضمه) كان يمنٌي النفس، حتى أن الرئيس صالح عندما رد على أحد الصحافيين الأجانب ب(هذا كلام فاضي) عندما سأله عما يحدث في الجنوب من حراك، كان ذلك اعتقادا منه أن الجنوب أصبح في بطنه يجري هضمه في أطول عملية (عسر هضم) عرفها التاريخ(١٩٩٤-٢٠١٥) وهي السنة التي تم فيها ايقاف عملية الهضم الفاشلة.

منذ انطلاق الحراك الجنوبي في ٢٠٠٧م جرت تحت الجسر مياه كثيرة، وازيحت صخور وتساقطت أوراق واينعت أوراق اخرى أكثر صلابة، وعلى الذين يقيٌمون الواقع من أبراج عاجية اعتمادا على تقارير سرية لمخبرين أو كتابات علنية لمستكتبين بأشكال وأحجام وألوان كثيرة أن يروا الصورة كما هي لا كما يتمنونها.

عانت الحركة الوطنية الجنوبية طوال السنوات منذ ٢٠٠٧م كثيرا من غياب التوظيف السياسي لحراك الشارع الجنوبي بسبب غياب وحدة الأداة والمشروع السياسي وفي ٤ مايو ٢٠١٧م بدأت ملامح وحدة الأداة والمشروع الجنوبي واخذت في النمو والتنظيم والاكتمال في ظل تشكيك وطعن وتخوين كما حدث مع كل محاولات توحيد وتنظيم الأداة السياسية، من التكتل الجنوبي إلى الهيئة الوطنية إلى المؤتمر الجامع وصولا إلى المجلس الانتقالي الجنوبي.

اصبح للحركة الوطنية الجنوبية اداة تعبر عنها وفي القريب نحتفل بالذكرى الثانية لإعلان ٤ مايو، وها هي الجمعية الوطنية الجنوبية تدخل عامها الثاني تزامنا مع رسو سفينة الانتقالي على شواطئ حضرموت حيث تعقد الجمعية الوطنية دورتها الثانية(١٦-١٨ فبراير ٢٠١٩م) في حاضنة حضرموت، قاطرة الجنوب العربي، وهي الدورة التي سترسم ملامح دولة الجنوب وستقر اسس معالجة أي اختلالات تنظيمية صاحبة النشاط خلال الفترة الماضية بما في الشراكة والتوافق مع الطيف الجنوبي.

نبشر الحالمون بأن الانتقالي الجنوبي سينتهي دوره، لكن ذلك لن يحدث إلا بعد تقرير مصير الجنوب، ونبشرهم أيضا بأن زمن فعاليات الشارع الجنوبي قد أدت دورها وأعلنت إرادتها باستقلال الجنوب في (١٣) مليونية، وأن الجنوب أصبح لديه أداة ومشروع لتحقيق إرادته وهي تسير بثبات، وان حلم هضم الجنوب الذي قال به المرحوم الارياني إلى أحلام المخبرين والمستكتبين، عن بعد، التي نراها اليوم لا تعد كونها مثل حالة الضبع في الاسطورة الشعبية التي كان يجرفها السيل وهي لا تدرك، بل تبتهل(يالله بالمطر والسيل).


مقالات الكاتب