تحيا الجمهورية العربية اليمنية
منصور صالح
أكثر مايلفت انتباهي في لقاءاتٍ جمعتني ببعض الإخوة من أبناء الشمال "من المواطنين الشرفاء طبعاً" ، تغير المزاج والتفكير لديهم فيما يتعلق بمشروع الوحدة على عكس ماكانوا عليه.
ذات الأشخاص كانوا ألى فترة ليست بالبعيدة وحدويين بعنف وكانوا يمازحوننا ليش تشتوا ننفصلوا والله اننا نحبكم ، وكنا نقول لهم ونحن نحبكم لكن حبنا للجنوب أكثر .
مثل هؤلاء اليوم لم يعودوا كما كانوا بل باتوا يسبقوننا بالسؤال كلما التقينا :هيا متى عتنفصلوا؟ ، فنرد مازحين : أبداً الوحدة او الموت ، فيقولون بصدق انفصلوا وصدقونا نحن ايضاً نشتي ننفصل اكثر منكم.
في واقع الأمر-وهذا شيءجيد - وصل قطاع واسع من الاخوة الشماليين إلى اقتناع بفشل الوحدة واستحالة استمرارها وادركوا ان هذه الوحدة فعلاً لم تكن سوى مبرر للنهب والسلب للفاسدين واللصوص فيما البسطاء شمالاً وجنوباً لم يجنوا منها سوى المظالم .
اليوم يتحرك كثير من الناشطين الشماليين باتجاه تأسيس حراك شمالي ، بل واطلقوا بالأمس حملة على مواقع التواصل الإجتماعي لرفع أعلام دولتهم وهاشتاج# تحيا الجمهورية_ العربية _اليمنية ، مطالبين بعودة الوضع مابين الدولتين إلى ماكان عليه قبل قيام الوحدة في مايو ١٩٩٠م.
الحقيقة البادية بجلاء تحكي انه كما ماتت الوحدة جنوبا، فإنها قد دخلت مرحلة الاحتضار شمالاً، واصبح أكثر المتحمسين لها وبعد سنوات من رفعهم لشعار الوحدة أو الموت في وجوهنا أكثر اقتناعاً بفك الارتباط بل ويتبنى بعضهم الدفاع عن مطالب الجنوبيين في استعادة دولتهم وكذا حق الشماليين ايضاً في عودة جمهوريتهم .
وحدهم الوحديون الجنوبيون من يثيرون الضحك والسخرية وهم يتحدثون عن يمنهم الاتحادي غير الموجود، وعن تمسكهم بوحدة لم تعد قائمة وتخلى عنها أشد المتحمسين لها شمالاً.
يحتاج شبابنا من رموز الحراك الشمالي للدعم والتشجيع فهم الأكثر وعياً وشجاعة على مواجهة الواقع ، وهم الأصدق في تعاملهم مع الحقائق على الأرض بواقعية بعيداً عن التمسك بالأوهام التي لا تتحقق مهما طال التشبث بها.
لمصلحة الشعبين في شمال اليمن وجنوبه تحقيق فك ارتباط سلس يبقي على العلاقات والوشائج والروابط ويحافظ على ماتكون من مصالح، وهذا لن يتحقق إلاّ بضغط شعبي من الطرفين يجبر الساسة وتجار الحروب على القبول بالواقع والاستسلام له باقل ثمن والانطلاق نحو بناء دولتين متعايشتين بسلام وأمان بعيداً عن اجواء التوتر والحروب وسباق التسلح.