الضالع والتلاحم الجنوبي
أحمد أبو صالح
ذات يوم وفي اوج الاختلاف الجنوبي وانقسام الشارع الجنوبي بسبب تدخلات الشرعية وحكومتها إبان رئيسها السابق بن دغر وتسخيره إمكانيات واموال الدولة في تفتيت اللحمة الجنوبية من خلال تفريخ مكونات الثورة الجنوبية والتعيينات في المناصب القيادية وضخ الأموال والهدايا وغيره من الاساليب القذرة.
حينها وفي قمة غضبي مما يحدث لقيادات الجنوب ووحدة مكوناته الثورية ومقاومته البطلة خصوصا بعد تحرير عدن وبقية محافظات الجنوب وماشهده الجنوب من تلاحم على كافة المستويات أثناء حرب تحرير عدن وأخواتها.
تمنيت مازحا عبر منشور لي على متصفحي الشخصي بموقع فيسبوك عودة الحوافيش (الحوثي عفاش) لغزو الجنوب مجددا لا لشي إلا لاعادة وحدتنا الجنوبية إلى وضعها الطبيعي الذي يجب أن تكون وتضل فيه إلى الأبد.
تمنيت تلك الأمنية الغريبة العجيبة على الرغم من معرفتي بقسوتها وثمنها الباهض وانعكاساتها الكارثية على المجتمع الجنوبي.
فاليوم وبعد صلف "الحوثة" وعدم اتعاضهم مما حدث لهم في الجنوب عام 2015 ومعاودتهم الكرة مره اخرى ومحاولتهم غزو الجنوب مجددا عبر بوابته الحصينة "الضالع" في عمل يدل على نوايا الشمال وقواه القبلية وجماعاته السياسية المسلحة على اختلاف توجهاتها وثقافاتها وايديلوجياتها تجاة الجنوب ونظرتها الثابتة له التي لاتتعدى انه بقرة حلوب لهم ويجب عدم التخلي عنه والتفريط به مهما كلف الامر بالنسبة لهم.
اليوم وفي خضم ذلك الغزو البربري الذي تشنه المليشيات الحوثية والمتزامن مع رضاء الكثير من القوى السياسية الشمالية والدعم السياسي والاعلامي الواسع وبمباركة السواد الأعظم من المجتمع الشمالي عاودت اللحمة الجنوبية حضورها وتوهجها وعاد المجتمع الجنوبي للاتحاد في وجة تلك القوى الظلامية ليقف وقفة رجل جنوبي واحد في خندق الدفاع عن الضالع خاصة والجنوب بشكل عام.
من اجل الضالع هب الجنوب كله، شعب وقيادات ومقاومة ومكونات وجمعيات. من اجل الضالع انتفض الجنوب كعادته لإيقاف جنون طفل إيران المدلل ووضع حد لغروره وطيشه وجنونه وتهوره الذي اكتسبه من خنوع واستسلام قوى ومجتمع الشمال وسيطرته على أكثر من ثلثي مساحته وإخضاع كافة قواه السياسية والقبلية لارادته وطموحاته التوسعية التدميرية دون إبدأ اي مقاومة او حتى اعتراض.
نعم انتفض الجنوب وهب شعبه على محدودية إمكانياته ونقص عتاده وزاده وفقر معظمه المدقع ليدافع عن وطنه عبر إغلاق بوابة الهامة وصد عدوان الهمجيين والتمترس جميعا دفاعا عن الضالع ودحر العدوان البربري وليس كذلك فحسب، بل وتلقينه دروس في فنون الحرب والقتال والفدائية.
فمنذ عدة اسابيع تخوض طلائع المقاومة الجنوبية وقوات الحزام الامني الجنوبي حربا بلاهوادة ضد جيش جرار من الشماليين في عدد من مناطق ومديريات الشمال التابعة اداريا لمحافظة الضالع وتسطر وبشكل يومي الانتصارات الميدانية في كافة الجبهات والتمكن حتى الآن من تجريد العدو من اسلحته الجغرافية وحاضنته الشعبية وإعادته عشرات الكيلومترات إلى عمق نفوذه والاستمرار في ملاحقته في عقر داره ومناطق نفوذه.
نعم كل ذلك حدث ويحدث شمال الضالع كعمل عسكري وطني فدائي قل يوجد مثله متزامنا مع دفع ثمن باهض من التضحيات عبر ارتقا العشرات من مجاهدي الجنوب شهداء عند ربهم يرزقون والمئات من الجرحى.
هناك يسطر شعب الجنوب أروع ملاحم الصمود والبطولة والتضحيات ويرسم بالدماء أجمل صور التآخي الجنوبي ويرسخ جذور وحدة الشعب الجنوبي وتلاحمه الاسطوري إلى الأبد ان شاء الله.