أصوات الرفض تتعالى داخل النهضة ضد ترشح الغنوشي لرئاسة تونس
تفاقمت موجة الرفض داخل حركة "النهضة" الإسلامية في تونس، لترشح رئيسها راشد الغنوشي، للانتخابات الرئاسية وسط خلافات متصاعدة حول توجهات الحركة بخصوص الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة؛ ما سبب انشقاقات واستقالات كان آخرها استقالة لطفي زيتون، المستشار السياسي للغنوشي.
وأكدت مصادر مقربة من الحركة الإسلامية، أن ”الحركة تعيش توترًا غير مسبوق، بسبب إصرار رئيسها على الترشح للانتخابات الرئاسية“، معتبرة أن ”ترشح الغنوشي مغامرة قد تدخل الحركة في أزمة داخلية تفضي إلى تفككها، وأن الظرف المحلي والإقليمي والدولي ليس في مصلحتها، وقد يجعلها عرضة إلى السيناريو ذاته الذي واجهه إخوان مصر في عهد محمد مرسي“.
وقالت المصادر إن ”هناك تيارًا قويًّا داخل حركة النهضة يرفض بشدة هذا التوجه ويدفع باتجاه دعم شخصية توافقية من خارج الحركة لخوض غمار الاستحقاق الرئاسي، وسط خلافات غير مسبوقة“ قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات.
وأبدى النائب بالبرلمان عن حركة ”النهضة“ محمد بن سالم، رفضه القاطع لفكرة تقديم الحركة لمرشح للانتخابات الرئاسية سواء كان رئيسها راشد الغنوشي أو غيره، وأنه ضد ما سمّاه ”الاستقطاب الثنائي لأنه يتعارض مع مصلحة البلاد، باعتبار أن رئاسة الجمهورية هي مكان لتوحيد التونسيين، وليس لتفرقتهم“، مشددًا على ”ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية شخصية توافقية من بين الشخصيات الوطنية“.
ويمثل بن سالم أحد أبرز قيادات الحركة المناهضين لترشح راشد الغنوشي للاستحقاق الانتخابي المقبل، وهذا الموقف يتبناه -أيضًا- النائب ووزير الصحة السابق عبد اللطيف المكي، والمستشار السياسي المستقيل لطفي زيتون.
وكشفت مصادر من داخل حركة ”النهضة“، رفضت الإفصاح عن هويتها، أن استقالة زيتون الأسبوع الماضي كانت على خلفية التوجه نحو إقرار ترشيح ريس الحركة راشد الغنوشي للانتخابات الرئاسية المقبلة.
في المقابل تعمل قيادات في الحركة مثل رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني والنائب نور الدين البحيري على تقديم الغنوشي مرشحًا للحركة.
واعتبر متابعون للشأن السياسي في تونس، أن ملف اختيار المرشح للانتخابات الرئاسية بات يؤرق حركة ”النهضة“ ويسبب لها كثيرًا من الإرباك، خاصة أن الحركة تبدو هذه المرة مصرة على عدم البقاء على الحياد ولا على تقديم الدعم لأي مرشح من خارجها؛ ما يعني خوض الاستحقاقات التشريعية والرئاسية بمرشحين من قياداتها.
إزاء ذلك، رأى المحلل السياسي عبد الحميد الراجحي، أن ”إصرار الشق المؤيد لترشح راشد الغنوشي هو الذي سبب هذا الإرباك، وأن هذا الشق يعتقد أن الفرصة لن تسنح ثانية لرئيس الحركة للترشح لهذا المنصب، خاصة إذا ما أقر مؤتمر الحركة العام المقبل تغيير القيادة وانتخاب رئيس جديد، بينما يعتبر الشق الرافض لترشيحه أن منصب رئيس الجمهورية دون منصب رئيس الحكومة، من حيث الصلاحيات والمهام التنفيذية، وبالتالي على الحركة أن تراهن على الفوز بأغلبية المقاعد في البرلمان حتى تشكل الحكومة“.
وقال الراجحي إن ”هذا الانقسام غير مسبوق داخل حركة النهضة التي حافظت على عقيدتها المنغلقة التي تقوم على مبدأ الانضباط الحزبي وعدم نشر أسرار المطبخ الداخلي للحركة“.
واعتبر أن ”عقيدة الحركة بدأت تهترئ وتتجدد، من خلال انتفاضة يقودها جيل جديد داخل النهضة يسعى إلى القطع مع الجمود ومع وصاية الشيخ راشد الغنوشي“.