بلومبرج: الاقتصاد البريطاني ضحية التخبط السياسي المضطرب
إلى جانب ضجيج الأيام القليلة المضطربة التي شهدتها السياسة في بريطانيا، كان الاقتصاد يسير بهدوء نحو واحد من أسوأ الأسابيع التي مر بها هذا العام، بحسب ما تقوله وكالة بلومبرج في تقرير لها.
وقالت الوكالة في التقرير الذي جاء تحت عنوان "الاقتصاد البريطاني يدفع بهدوء ثمن تنامي الفوضى السياسية في البلاد"، إن "الأضواء التحذيرية بدأت تصدر ألوانًا حمراء- بما يشير لوجود خطر".
وبحسب الوكالة، فإن التصنيع والبناء في بريطانيا انكمشا، وفقد قطاع الخدمات هيمنته، وهو ما يدفع التوقعات بأن بريطانيا تتجه نحو الانكماش.
وفي الوقت نفسه فإن سوق الإسكان يبدو عالقًا في الطريق، حيث أن مبيعات التجزئة به جاءت مخيبة للآمال، كما أن المشترين يخشون أن يتسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في رفع الأسعار.
وتصارعت الأحداث السياسية في بريطانيا بعدما علق رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، عمل البرلمان عقب فشله في التوصل لصيغة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "البريكست".
ويوم الخميس الماضي، تخلت الحكومة البريطانية عن مساعيها في المجلس الأعلى للبرلمان لعرقلة قانون يهدف إلى منع البلاد من مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
ومهدت هذه الخطوة الطريق لإلزام جونسون بأن يطلب من الاتحاد الأوروبي تمديد الموعد النهائي لخروج بريطانيا لمدة ثلاثة أشهر، إذا فشل في التوصل إلى اتفاق انتقالي عبر المفاوضات مع التكتل بحلول منتصف أكتوبر.
وقال كيت جاكيس، ببنك سوسيتيه جنرال، لبلومبرج إن "الاقتصاد البريطاني يتآكل بهدوء ويتضح هذا في البيانات(..) إنه يسير بهدوء نحو الأسوأ ولا يوجد أي زخم من أي شيء".
وتقول الوكالة إن تقريرًا سيصدر غدًا الاثنين، سيعطي مؤشرًا مبكرًا حول مدى احتمال حدوث ركود في بريطانيا. وبعد أن تقلص إلى 0.2% في الربع الثاني من العام، من المحتمل أن ينمو الاقتصاد البريطاني 0.1% في يوليو.
وقد تدفع القراءة الضعيفة الاقتصاديين، إلى خفض توقعاتهم للاقتصاد في بريطانيا.
وتشير حركة الجنيه الاسترليني هذا الأسبوع إلى أن التجار مهتمون بالأخبار السياسية وليست الاقتصادية، بحسب بلومبرج.
ويوم الخميس الماضي انزلق الجنيه الاسترليني لأقل من 1.20 دولار لأول مرة منذ عام 2017، ثم أعطى إقرار قانون يهدف إلى منع البلاد من مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، الجنيه الاسترليني أفضل أسبوع له منذ يونيو.
وتقول بلومبرج: "رغم كل هذا يبدو مستقبل بريطانيا بعيدًا عن اليقين، كما أن الاقتصاد يبدو في حالة هشة بشكل متزايد".
وتضيف أنه حتى قبل التطورات السياسية الأخيرة، كانت الثقة بين القطاع العائلي في بريطانيا تنهار. وأظهر مسح لبنك انجلترا يوم الجمعة الماضية إن توقعات التضخم للسنة المقبلة بلغت 3.3%، وأن أكثر من نصف البريطانيين يقولون إن "البريكست" سوف يدفع الأسعار للارتفاع.
وبحسب الوكالة، فإن رجال الأعمال يعانون أيضًا، حيث أظهر تقرير يوم الاثنين الماضي إن قطاعي التصنيع والبناء انكمشا الشهر الماضي، بينما كان قطاع الخدمات قريبًا من التباطؤ.
"إذا بدأ المستهلكون في شد أحزمتهم، ستتعمق مشكلات الاقتصاد"، بحسب الوكالة.
وأظهرت بيانات تتعلق بقطاع التجزئة هذا الأسبوع، تراجع المبيعات خلال شهر أغسطس مقارنة بنفس الشهر العام الماضي، وللشهر الثالث خلال 4 أشهر.
ووفقًا لكبير الاقتصاديين ببنك استثمار "Schroders"، أزاد زانجانا، فإن العائلات لم تخفض نفقاتها كما كان متوقعًا عقب استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في 2016، لكن بدلًا من ذلك وفروا أقل وأكلوا من "هامش الأمان" الذي لديهم.
ويضيف لبلومبرج: "نحن أمام موقف تقترب فيه معدلات الادخار من أقل مستوياتها، لو لم نصل لاتفاق وتراجع الجنيه الاسترليني وارتفع التضخم، سنسير بالتأكيد نحو الركود".
وحصل الاقتصاد البريطاني الأسبوع الماضي على دفعتين، الأولى عندما وعد وزير المالية البريطاني ساجد جاويد، يوم الأربعاء الماضي، بإنهاء عقد من التقشف من خلال أكبر دفعة للإنفاق الحكومي خلال 15 عامًا، وفي نفس الوقت قال محافظ البنك المركزي البريطاني، مارك كارني، إن الإعداد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق يمكن أن يساعد في الحد من الأزمة الاقتصادية، رغم أن تداعيات هذا الأمر ستظل كبيرة.
وتقول الوكالة إن النمو الاقتصادي في بريطانيا لا يزال حتى الآن هزيلًا.