ثورة 14 اكتوبر 1963م لمحة موجزة
ثابت حسين صالح
- حرية الرأي ام حرية التحريض على القتل ؟
- إعادة الهيكلة ضرورة أم ترف؟
- من غرائب وعجائب هذه الحرب
- القوات المشتركة وهزائم الحوثيين غير المسبوقة
يستطيع أي مؤرخ أو حتى قاريء للتاريخ أن يستنتج أن ثورة ١٤ اكتوبر ١٩٦٣ في الجنوب العربي (اليمن الجنوبية) التي قادتها الجبهة القومية كانت من أعظم الثورات العربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين...اكان ذلك لجهة أهداف ومباديء الثورة وقواها المحركة ووسائلها وأدواتها النضالية ...ام بنتائج تلك الثورة التي غيرت مجرى حياة المجتمع الجنوبي.
قامت الثورة لتحقيق الأهداف التالية :
١- تصفية القواعد وجلاء القوات البريطانية من أرض الجنوب دون قيد أو شرط.
٢- إسقاط الحكم السلاطيني والذي صنف بأنه رجعي متحالف مع المستعمر البريطاني .
٣- إعادة توحيد الكيانات العربية الجنوبية سيراً نحو الوحدة العربية والإسلامية على أسس شعبية وسلمية.
٤- استكمال التحرر الوطني بالتخلص من السيطرة الاستعمارية الاقتصادية والسياسية.
٥- إقامة نظام وطني على أسس ثورية سليمة يغير الواقع المتخلف إلى واقع اجتماعي عادل ومتطور.
٦- بناء اقتصاد وطني قائم على العدالة الاجتماعية يحقق للشعب السيطرة على مصادر ثرواته.
٧- توفير فرص التعليم والعمل لكل المواطنين دون استثناء.
٨- إعادة الحقوق الطبيعية للمرأة ومساواتها بالرجل في قيمتها ومسئولياتها الاجتماعية.
٩- بناء جيش وطني شعبي قوي بمتطلباته الحديثة تمكنه من الحماية الكاملة لمكاسب الثورة واهدافها.
١٠- انتهاج سياسية الحياد الإيجابي وعدم الانحياز بعيدا عن السياسات والصراعات الدولية.
لن نسترسل كثيرا في التاريخ واحداثه...لكن من المهم الإشارة إلى العوامل الموضوعية والذاتية التي ساعدت على قيام ثورة ١٤ اكتوبر منها:
١- قيام ودعم الثورات العالمية والعربية وخاصة ثورة اكتوبر الاشتراكية وظهور الاتحاد السوفيتي وثورة ٢٣ يوليو ومصر عبدالناصر الذي اتخذ من تواجده العسكري والسياسي في اليمن الشمالية للدفاع عن ثورة ٢٦ سبتمبر فرصة لدعم ثورة ١٤ اكتوبر في الحنوب سياسيا وعسكريا ولوجستيا وكذلك الثورة الجزائرية كان لها دورا فعالا.
٢- نضوج الحالة الثورية في الداخل وأداة الثورة ووسائل وأدوات النضال ضد المستعمر البريطاني.
أداة الثورة:
تشكلت الجبهة القومية لتحرير الجنوب من سبع فصائل جنوبية أساسها فرع حركة القوميين العرب:
١- فرع حركة القوميين العرب
٢- تشكيل القبائل
٣- الجبهة الناصرية
٤- التنظيم السري للضباط والجنود الأحرار
٥- جبهة الإصلاح اليافعية
٦- المنظمة الثورية
٧-الجبهة الوطنية.
في عام ١٩٦٦م أعلن في الإسكندرية بإشراف السلطات المصرية عن تشكيل منظمة التحرير ومن ثم أعلن عن دمج كل من الجبهة القومية ومنظمة التحرير في إطار جبهة التحرير في ١٣ يناير ١٩٦٦م..
لكن قيادات الجبهة القومية في الداخل رفضت هذا الدمج وقررت العمل بشكل مستقل خلال المؤتمر الثالث للجبهة في نوفمبر١٩٦٦م...
توالت أحداث الثورة ضد المستعمر البريطاني في كافة مناطق الجنوب وخاصة ردفان والضالع وعدن ثم امتدت لمناطق ابين وشبوة وحضرموت والمهرة...
وبعد حسم الصراع مع جبهة التحرير لصالح الجبهة القومية التي تمكنت من السيطرة على كل المناطق وكسب الجيش والنقابات...
أعلن وزير الخارجية البريطاني (جورج براون) في 14 نوفمبر 1967 أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال للجنوب في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً.
بدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية في 21 نوفمبر 1967 من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من الجنوب . وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي ، ووفد المملكة المتحدة (بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.
و بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن في 26 نوفمبر 1967 ، وغادر الحاكم البريطاني هامفري تريفليان.
وفي 30 نوفمبر 1967 تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن ، وإعلان الاستقلال الوطني وقيام "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" ، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير الجنوب إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم ، وتولى أمين عام الجبهة قحطان محمد الشعبي رئاسة الجمهورية وشكلت أول حكومة برئاسة قحطان الشعبي.
وفي فترة قياسية نالت هذه الدولة اعترافا عربيا وعالميا وتمكنت من تحقيق:
١- توحيد السلطنات والمشيخات في كيان دولة مركزية قسمت إلى ست محافظات.
٢- بناء جيش وطني وامن قويين .
٣- نشر شبكات التعليم والصحة المجانية والطرقات والمواصلات في كل أنحاء الوطن.
٤- القضاء على الأمية كأول بلد عربي ورفع مستوى مشاركة المرأة والشباب والفئات الاجتماعية في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية.
٥- احداث نهضة تنموية صناعية وزراعة ملحوظة واستقرار معيشي وامني متنامي.
ومع ذلك فإن هذه الثورة والحكم الوليد تعرضت لأخطاء جسيمة بسبب نظريات إحراق المراحل والقفز على الواقع والصراعات السياسية والسير خلف الشعارات الأممية والقومية واليمنية التي كانت طريقة واليات الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية أفدح أخطائها الاستراتيجية.
ولذلك تقييم آخر لسنا بصدده الان في هذا المقام.
العميد الركن ثابت حسين صالح
باحث ومحلل سياسي وعسكري