شيخ الأزهر يحذر من خطورة كوارث البيئة الإليكترونية على الأطفال
قال الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف د. أحمد الطيب، إنه لا يوجد أدنى شك في أن الثورة التقنية الرقمية لن تتوقف عن تطور يختلط فيه النافع بالضار، والمصلحة بالمفسدة، ما دامت هذه الثورة تتطور في غيبة من حراسة الأديان والأخلاق الإلهية، موضحا أن الحل لا يكون بمجابهة هذه الثورة، وإنما بالبحث الجاد عن إمكان العودة إلى كيفية الربط بين التقدم العلمي وبين الدين بحسبانه حارسا أمينا على الأخلاق الإنسانية، شريطة أن نأخذ الدين من الكتب المقدسة ومن تعاليم الأنبياء وسلوكهم وتصرفاتهم.
وأضاف خلال كلمته بمؤتمر قمة قادة الأديان "تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي"، أن الانفصام الذي حدث بين مسار العلم ومسار الدين هو مأساة الإنسان المعاصر الذي يتقدم في مجال علومه وتقنياته بقدر ما يتقهقر ويتراجع في باب الأخلاق والآداب والفضائل، بل إن هذا السباق المطرد بين التقدم العلمي والتقهقر الخلقي هو السبب الأوحد وراء كوارث الإنسان الحديث وعلله المستعصية على العلاج.
وتابع أنه من السهل جدا أن تجد الان ربطا منطقيا بين التطور العلمي المذهل في مجال الأسلحة الفتاكة مثلا، وبين الحروب المأساوية اللاإنسانية، بل من السهل أن تجد علاقة بين وفرة اقتصاد السلاح وبين الإرهاب، وتنظيماته وجماعاته التي استقطبت الأطفال إلى معسكراتها وجندتهم في التدريب والانخراط في صفوف القتال، عن طريق منصات التواصل الاجتماعي والألعاب الرقمية والمواقع الإلكترونية، مشيرا إلى أن تقارير الأمم المتحدة تكشف أن الاف الأطفال انضموا إلى التنظيمات الإرهابية.
وحذر شيخ الأزهر من خطورة كارثة من كوارث البيئة الإليكترونية، وهي تمكين وحوش الجرائم الجنسية من سهولة الاتصال بضحاياهم من الأطفال وتشجيعهم على الالتحاق بهم، وقدرتهم على إخفاء هوياتهم، وإنشاء هويات مزيفة تجعل من ملاحقتهم قضائيا ضربا من المستحيل، مما يضع خصوصية الأسر وكرامة أطفالها في مهب الريح، حتى أن اليونيسيف صرحت بأنه «لا يوجد طفل بمأمن من المخاطر على شبكة الإنترنت".
يشارك في فعاليات هذا المؤتمر أكثر من ٨٠ شخصية عالمية من قادة الأديان، ومتخصصين في الاقتصاد وعلم النفس والاجتماع وممثلين عن منظمات محاربة جرائم العنف ضد الأطفال، وتقام فعالياته في ١٤ و١٥ نوفمبر، بالمقر الرئيسي للأكاديمية البابوية للعلوم بالفاتيكان، تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والإمام الأكبر شيخ الأزهر، و البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، بالتعاون بين الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية وتحالف الأديان من أجل مجتمعات أكثر أمانا، و"تحالف كرامة الطفل"، وذلك بمناسبة الذكرى الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل.
وتعد هذه النسخة الثانية من أعمال قمة قادة الأديان من أجل تعزيز كرامة الطفل في العالم الرقمي، حيث أقيمت النسخة الأولي في عام ٢٠١٧ بالعاصمة الإيطالية، والتي انتهت ب “إعلان روما" الأخير، والذي دعا السياسيين وقادة الأديان والمنظمات المهتمة بشئون الأطفال، للتعاون في بناء وعي عالمي من أجل حماية الأطفال من الاستغلال عبر الإنترنت، ونتج عنه ملتقى "تحالف الأديان من أجل أمن المجتمعات"، والذي أقيم في نوفمبر من العام الماضي، بالعاصمة الإمارتية أبو ظبي، بحضور الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وعدد كبير من قادة الأديان حول العالم.