أسعار النفط ترتفع وتتغلب على العوامل المضادة في الأسواق
ارتفعت أسعار النفط العالمية، متغلبة على عوامل مضادة في الأسواق، وتوارد أنباء عن تضاؤل الآمال في قرب التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتأثيرها في الطلب النفطي.
ويتأهب المنتجون في "أوبك" وخارجها لاجتماع وزراي جديد وموسع يتم فيه تدارس وضع السوق والمؤثرات الدولية عليه، وسيتم مراجعة اتفاق خفض الإنتاج والممتد حتى آذار (مارس) المقبل مع احتمال تمديده لمواجهة وفرة المعروض المتوقعة على نحو واسع في العام المقبل.
ويرى مختصون ومحللون نفطيون أن أسعار الخام تتأثر صعودا وهبوطا تحت ضغوط آفاق المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة والصين، وإنهاء الحرب التجارية.
فى هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا، نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، إن أسعار النفط تواصل مسيرة التقلبات بسبب المستجدات المتلاحقة والمتضادة التأثير، خاصة مستوى المخزونات الأمريكية والتقدم البطيء في مفاوضات التجارة، موضحا أن الأسعار تلقت بعض الدعم في الأيام السابقة بسبب التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وحدوث ارتفاع أقل من المتوقع في بيانات المخزونات الأمريكية الأسبوعية.
وأضاف ماندرا أن المكاسب السعرية لا تصمد طويلا، حيث يعقبها على الفور عودة التركيز على التطورات السلبية في المفاوضات التجارية الأمريكية الصينية الجارية حاليا، خاصة مع توقع عديد من الدوائر المالية والاقتصادية الدولية الموثوقة، بأن الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد لا يتم الانتهاء منها هذا العام.
من ناحيته، أوضح ، دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تلعب دورا رئيسا كمحرك للاقتصاد العالمي، وبخاصة حركة أسعار الخام، مدللا على ذلك بتأثير تغريدات ترمب بأن الصين لم تقدم تنازلات كافية في المحادثات، ما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق، مشيرا إلى أن هذا التصريح بدد على الفور حالة التفاؤل السابقة بإحراز تقدم وشيك في مفاوضات التجارة بين البلدين.
ونوه تسبرات، إلى أن كثيرا من المحللين يتخوفون من دخول مفاوضات التجارة بالفعل إلى نفق التسويف والمماطلة، وهو ما يزيد حالة القلق والتشاؤم بشأن آفاق النمو العالمي، ويهدد استقرار أسواق المال وبخاصة في آسيا.
من جانبه، ذكر لـ"الاقتصادية"، رينهولد جوتير، مدير قطاع النفط والغاز في شركة سيمنس العالمية، أن تعزيز وتنمية الابتكار وتحفيز الاستثمار في الصناعة النفطية يتطلب جهودا وشراكات دولية أوسع، خاصة أن التحديات تتسع ومخاوف التباطؤ الاقتصادي لا تزال قائمة وبقوة، الأمر الذي يتطلب من الشركات الكبرى إيجاد حلول مبتكرة للتغلب على الأزمات، من خلال رفع مستوى الكفاءة الإنتاجية والرأسمالية، وتعاون المنتجين لتعزيز الاستقرار والنمو المستدام في السوق.
ولفت جوتير إلى أن التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تعد من أبرز الأخطار، التي تهدد أمن الإمدادات خاصة إذا أخذنا في الحسبان الدور المحورى للمنطقة في توفير نسبة كبيرة من الإمدادات النفطية للأسواق العالمية ومساندة جهود التنمية خاصة في الاقتصادات الناشئة والصاعدة والتى تتسم بمعدلات نمو متسارعة وباتساع احتياجات التنمية وتزايد استهلاك موارد الطاقة وتحديدا الموارد التقليدية من الوقود الأحفوري.
بدوره، يرى ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن روسيا تسعى جاهدة إلى تعميق الشراكة مع "أوبك"، والوفاء بكل الالتزامات تجاه اتفاق خفض الإنتاج، مشيرا إلى تأكيد موسكو على سرعة معالجة أي تباطؤ في تنفيذ الالتزامات، بعدما ذكر ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي، أن بلاده أحرزت تقدما بطيئا في خفض الإنتاج، لأن المناخ القاسي والظروف الجيولوجية في عديد من المناطق المنتجة لا تسمح بإجراء تخفيضات حادة.
وتوقع كروج أن يسهم الاجتماع المقبل للمنتجين في التوصل إلى نتائج إيجابية تعمق الشراكة وتفعل ميثاق التعاون الجديد، وتتيح الفرصة أمام معالجة الصعوبات الواسعة في السوق الناجمة عن تعثر مفاوضات التجارة وتوقعات تباطؤ الطلب إضافة إلى ارتفاع المخزونات واستمرار زيادة الإمدادات من الولايات المتحدة والبرازيل.
على صعيد تعاملات الأسواق، زادت أسعار النفط أمس في الوقت الذي أججت فيه توترات جديدة بين الولايات المتحدة والصين المخاوف من أن اتفاقا تنعقد الآمال على إبرامه منذ فترة طويلة لإنهاء الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم ربما يتأجل.
وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 22 سنتا أو 0.38 في المائة إلى 62.63 دولار للبرميل، بينما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 41 سنتا أو 0.70 في المائة إلى 57.36 دولار للبرميل. وارتفع الخامان القياسيان بشدة أمس الأول بفعل بيانات إيجابية بشأن المخزونات الأمريكية.
وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بأن مخزونات الولايات المتحدة ارتفعت الأسبوع الماضي حتى مع قيام مصافي التكرير بزيادة الإنتاج، في حين زادت مخزونات البنزين وانخفضت نواتج التقطير.
وزادت مخزونات الخام 1.4 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 15 تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما توقع المحللون ارتفاعها 1.5 مليون برميل.
وهبطت المخزونات في نقطة التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما 2.3 مليون برميل، بينما ارتفع الاستهلاك بمصافي التكرير 519 ألف برميل يوميا، وزاد معدل تشغيل المصافي 1.7 نقطة مئوية.
وزادت مخزونات البنزين 1.8 مليون برميل، في حين توقع المحللون في استطلاع ارتفاعا بنحو 870 ألف برميل، وتراجعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، مليون برميل، مقابل توقعات لانخفاض قدره 732 ألف برميل، وانخفض صافي واردات الولايات المتحدة من النفط 172 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي.
وهبط عدد منصات التنقيب في الولايات المتحدة للأسبوع الرابع على التوالي، كما تراجعت منصات الغاز الطبيعي.
وتراجعت منصات التنقيب عن النفط الأمريكي بمقدار عشر منصات خلال الأسبوع الماضي لتسجل 674 منصة، كما هبطت منصات التنقيب عن الغاز الطبيعي بمقدار منصة واحدة إلى 129 منصة.