كرامة الوطن وحريته أغلى

كرامة الوطن وحريته أغلى

د. ناصر الخبجي

المزيد

لقد أثبتنا حسن نوايانا واعتبرنا من الواجب أن نتنازل على أمل أن يكونوا شركاء في إدارة الجنوب من أجل إنهاء معاناة شعبه وما ألحقوه به من دمار وتغييب.

لم نكن نريد شيئا غير أن نثبت حسن تعاملنا لأجل جنوب جديد، لكننا تيقنا أن قوى وأحزاب الشمال لا تزال تدير المشهد، وفيما بعد أدركنا أن أولئك لا يعرفون حسن نوايا ولا شراكة ولا وطن.

لا نقول ذلك، طمعا في منصب، كلا والله، لم نكن يوما ممن يسعون لسلطة أو منصب، تركنا كل ذلك مبكرا، عندما كان الجميع في أحضان من اختلفوا معهم، أما نحن مبكرا عدنا نحو شعبنا حاملين نهج حياة وكرامة ومسيرة ثورة وحرية بشعار (كرامة الوطن وحريته أغلى).

علما.. لقد كان بإمكاننا تقديم استقالة من محافظة لحج، لكن أن تعطي خصمك مفاتيح اللعب ضدك خاطئ جدا، بل انتظر قراراته لتجعلها نقطة في صالح قضيتك المهمة.

كنا نعمل في لحج، وقلوبنا مع الجنوب، ولأنهم يريدون إشغالنا عن هدفنا الأكبر، حاصروا لحج وأبناءها، ومنعوا عنها الكهرباء والماء والدعم وحقوق الشهداء والجرحى، وهي الأكثر تضررا، ولم تحصل لحج منهم على أي دعم، فعلوا الكثير من العراقيل لأغراض ضيقة وامتدادا لممارسات ما بعد 94.

عملنا بجهودنا الذاتية ومعرفتنا وعلاقاتنا، لخدمة لحج وأبنائها، في قيادة مرحلة ما بعد الحرب وتثبيت الأمن والاستقرار وإعادة تطبيع الأوضاع المتعلقة بحياة الناس اليومية، وهو ضمن أهداف ثورتنا الجنوبية.

تعشمنا المخاطر، وارتدينا الأكفان، وقبضنا على الجمر في وقت تتقطف فيه المفخخات الرؤوس والأجساد، لم نهرب إلى الفنادق والمتنزهات، كنا جزءاً من شعبنا وأهلنا، وعملنا من أجلهم، وسنكون معهم في أي زمان ومكان.

لا أقول ذلك مَنّا على شعب الجنوب، فالجنوب هو شعبي، ومشروعنا جميعا هو استقلال الجنوب، والذي يبدو جليا أنه أصبح بحاجة إلى مرحلة جديدة وربما أخيرة من الكفاح وانتزاع الحق المشروع متمثلا باستقلال الجنوب.

عملنا على التأكيد للداخل والخارج أن الجنوب قادر وبجدارة على النهوض وإدارته بقواه الحية وتحقيق الأمن وهزيمة الإرهاب واجتثاثه، وبأقل الإمكانيات والفترات الزمنية.

تعاملنا مع الشرعية المفترضة كضرورة وطنية لطبيعة الظرف الزماني، وللحاجة المرحلية ومنعا لمزيد من المعاناة والانهيار، الذي لم تقدم تلك الشرعية تجاهه أي جهود أو عمل أو دعم.

من جهة أخرى، تعاملنا معها أيضا احتراماً للتحالف وتأكيداً لوقوف شعبنا ضد التمدد الإيراني في المنطقة، واعتبرنا تعاملنا ذلك نوعاً من التضحية، كما كان أيضاً احتراماً للإرادة الدولية التي لم تجد مخرجا للحفاظ على كيان الدولة من الانهيار الكامل والوصول إلى اللادولة.

وكان لزاما تأجيل المعركة السياسية إلى حينها، لكون التوجهات أصلاً غير متوافقة، ولهذا نستطيع القول إن المعركة السياسية تم استئنافها، طالما لم تحترم تلك الشرعية المفترضة إرادة شعب الجنوب وتضحياته التي تتعلق بمستقبل الجنوب كوطن وشعب.. وليس كأشخاص.

نؤكد أننا سنواصل طريقنا مع كل شعبنا نحو هدف الاستقلال الذي حملناه مبكرا، ولن يستطيع أحد اعتراض هذا الطريق المروي بدماء زكية، فأما أن يكون الجنوب شريكا، وأما أن يكون له خياراته.

باختصار.. كل شيء كان متوقعاً، وطالما استكملت الشرعية المفترضة أصلا فض الشراكة، فذلك خيارها، وبالمقابل لنا خياراتنا.

سنمضي بخطى ثابتة نحو هدف شعبنا الجنوبي ومعه متمثلا "باستعادة استقلال دولته"، والذي لم ولن نتخلى عنه لحظة واحدة.