المجلس الانتقالي الجنوبي .. وابتدأ المشوار
بوعي جماهير الجنوب وهمتها وتصميمها، تم وبنجاح منقطع النظير تنظيم وتنفيذ اللقاءات الشعبية في المحافظات للإعلان عن تدشين القيادات المحلية للمجلس في المحافظات، والتي تزامنت مع خطوات تشكيل الجمعية الوطنية، وإخراج وثائق المجلس، والمقرر أن يتم الإعلان عنها مع الاحتفال بمناسبة عيد الاستقلال الوطني المجيد 30 نوفمبر.
إن النجاح الذي شهدته مهرجانات المحافظات، ومما تميزت به من مشاركة شعبية واسعة ونوعية، والأجواء التي سادتها، قد اكتسبها دلالات هامة، حيث عبرت مجدداً عن التمسك بمشروع القيادة الجنوبية، وفقاً لإعلان عدن التاريخي في 4 مايو 2017، وأكدت على وجود رضاء شعبي عام تجاه عمل هيئة الرئاسة، وتماسكها وثباتها سياسياً، رغم الحرب عليها، وكل صنوف الضغط الشديدة التي تعرضت لها مجتمعة (وأعضاء)، وهو الامتحان الذي تمكنت من اجتيازه باقتدار.
كما كان ذلك النجاح بأبعاده السياسية والشعبية عبارةَ عن رسائل بالغة الدلالة ولأكثر من طرف، سواء للداخل الجنوبي أو خارجه، وتعني هيئات ومؤسسات رسمية، وقوى وتيارات وتنظيمات، ورموز روحية واجتماعية ووطنية، وللأطراف الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها دول التحالف العربي، وقادة الشقيقتين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كما للمجموعة الدولية المنخرطة في الوضع الراهن.
وفي ذات الإطار، فقد ترتب على النجاح الذي تحقق مزيداً من الأعباء والمسؤولية على عاتق هيئة رئاسة المجلس، ووضعها أمام متطلبات نوعية جديدة، فالتجاوب والتأييد والثقة من الشعب تعني مزيداً من المسؤولية، والتي تتسع نطاقها وتعلو أسقفها، والالتزامات المترتبة عليها، ومعايير تقييم مستوى الوفاء بها.
وإذا كان من الطبيعي ألا نحمل هيئة رئاسة المجلس كل الأعباء، وما تعج به الحياة العامة، وما يتطلع له الناس، وفي ظل ظروف وأوضاع بالغة التعقيد، وحالة من الانهيارات العامة والشاملة، وأزمات حادة وعلى كل صعيد، وحالة غير مسبوقة من التداخل والتدخل الإقليمي والدولي، وفي وقت تشهد فيه المنطقة أحداث جسيمة وعاصفة، والتي تقع الجنوب في مركزها، واستمرار العدوان على الجنوب ومن أطراف وقوى عديدة، وألا نحول رئاسة المجلس إلى شماعة نرمي عليها إفرازات الحالة العامة وشواغل الناس، في وقت تكتفي فيه القوى الجنوبية الأخرى بدور المتفرج والمراقب والناقد، ناهيك عن دور المعرقل والمعطل.
رغم كل ذلك فإن لا أحد يستطيع أن يعفي الهيئة من الوفاء بما التزمت به وتحملته، بإرادة طوعية واقتناع، والمتمثلة في مهمات وأعمال شائكة وحساسة واستثنائية، وفي زمن استثنائي وظروف عامة غير مواتية.
ولا ريب في أن الطبيعة التأسيسية للمهمات المطلوب معالجتها اليوم، والتي سيكون لها التأثير الكبير والحاسم على أوضاع وتطورات راهنة ومستقبلية، تطال كل من المجلس والحالة الجنوبية العامة، ودورها في تحديد طبيعة النتائج، لهي من الأمور التي تتطلب من رئاسة المجلس تفكيراً إبداعياً وأداءً مميزاً ومبتكراً، وتتمثل في تشكيل هيئات المجلس العليا والمحلية، وإخراج الوثائق بصورتها النهائية.
وهي مهمات تستحق أن يعطي لها حقها من الوقت والجهد والبحث المعمق، وصولاً إلى قرارات ومعالجات صائبة ومعللة، ومن خلال عمل جماعي ومؤسسي، واعتماد ومعايير وأسس علمية ومنصفة، تحقق المشاركة الواسعة والعادلة، وتؤمّن لهيئات المجلس المناعة والتماسك والوحدة، والأداء النوعي، والقيادة المقتدرة، وكل ما تتطلبه الولادة الطبيعية للمجلس، وبجسم صحيح سليم ومعافى، وقابل للنمو والحياة.
وبما يجعل من هذه الخطوات والإجراءات بمثابة اللبنات الأولى، والمقدمات الضرورية لتبلور وتشكل حياة سياسية جديدة وعصرية ومدنية وتعددية، جنوبية الهوية والانتماء والوظيفة، إنسانية الرسالة والدلالة، ديمقراطية في وسائلها وأدواتها.
حياة سياسية
- تمثل قطيعة مع الماضي، بما له وعليه، وتقود الجنوب إلى المستقبل.
- تحرر الجنوب وتحميه، وتخلص شعبه من مشروع “اليمننة السياسية” الذي كان دوماً وسيظل أهم وأخطر وسائل استعباد الجنوب وتجزئته واجتثاثه (ابتلاعه).
- تحمي الجنوب وشعبه من مخاطر كامنة فيه، وفي تفكير وسلوك بعض من أبنائه.
- من نزعات وممارسات وظواهر تشكل خطراً على طبيعته المدنية، وعلى حرية وحقوق مواطنيه، ونسيجه الاجتماعي، وسلمه الأهلي، وتهدد سعيه لبناء دولة العدل والقانون والمؤسسات.
كما يتأمل الجميع أن تشكل ولادة المجلس الانتقالي الخطوة الأولى على طريق تحقيق المبدأ القائل (الجنوب لكل أبنائه، والجنوب بكل أبنائه).
قاسم داؤود علي
رئيس مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب