الحوثيون والقطاع الصحي.. اعتداءات بشعة خلَّفت كثيرًا من المآسي
منذ أن أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية في صيف 2014، تكبَّد القطاع الصحي كثيرًا من الآثار الفادحة بسبب الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها هذا الفصيل الإرهابي.
وعلى مدار سنوات الحرب، تعمَّدت المليشيات الحوثية قطع جميع الخدمات الصحية سواء الخدمات الأساسية أو الثانوية، مكتفية بنهب مقدرات الدولة ومواردها وتسخيرها لخدمة المجهود الحربي وزيادة أرصدة الجماعة وقياداتها.
وهيمنت المليشيات الحوثية على القطاع الطبي عن طريق تهميش وفصل الكوادر والموظفين ممن لا يؤمنون بأفكارها الخمينية وتعيين أتباعها من محافظة صعدة حيث معقلها الرئيسي لتتفرغ بعدها لنهب ممتلكات المواطنين والتجار وفرض الإتاوات والضرائب وإقفال مشاريعهم وشركاتهم في حالة عدم التبرع للمجهود الحربي ورفد الجبهات.
وأحدثت الجرائم الحوثية انهيارًا في المنظومة الصحية والاعتداء المسلح على المستشفيات والتسلط على كل المساعدات الطبية والدوائية ومنع دخول المستلزمات الطبية والأدوية المنقذة للحياة خصوصاً لذوي الأمراض المزمنة، ما أسفر عن حرمان ملايين السكان من الرعاية الصحية الأساسية والإنسانية والغذائية.
وبلغت عدد المنشآت الصحية التي عطّلتها المليشيات الحوثية كليًّا وجزئيًّا أكثر من 600 منشأة، بسبب ممارسات غير إنسانية من أعمال نهب وابتزاز واقتحام وإغلاق ومصادرة، بالإضافة إلى منع إجراء أي صيانة للأجهزة والمعدات الطبية.
في الوقت نفسه، حصرت المليشيات الحوثية أغلب الدعم الطبي على جرحاها في الجبهات كما خصصت المعدات والأجهزة الطبية لأتباعها فقط أو ممن يوالونها شريطة أن تكون الأسرة قد ضحّت بأحد أفرادها في جبهات القتال.
إجمالًا، غرست المليشيات الموالية لإيران بذور بيئة خصبة لتفشي الأوبئة والأمراض القاتلة، كما عملت على استهداف المستشفيات وعرقلة عملها سواء بتعريض حياة كوادرها للخطر أو قصفها لإخراجها عن العمل، فضلًا عن سرقة الأدوية المخصصة لعلاج المرضى.
أدّى كل ذلك إلى أزمة صحية متفاقمة في بيئة مجتمعية فقيرة، لا تملك مواجهة هذا الخطر المروِّع، وذلك يندرج في إطار خطة حوثية كاملة تستهدف نشر الفوضى على كافة الأصعدة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
إزاء كل ذلك، تجد المنظمات الدولية التي تهتم بالقطاع الصحي، صعوبات بالغة في العمل، على الرغم من أنّ جهودها تُمثّل بارقة الأمل الأخيرة أمام السكان.
وتقول منظمة "أطباء بلا حدود"، إنّها مستمرة في تقديم الرعاية الطبية إلى السكان الأكثر تضررًا في اليمن بالرغم من الظروف الصعبة.
المنظمة قالت في بيانٍ مقتضب: "رغم الظروف الصعبة التي قد تواجهها أطباء بلا حدود في اليمن جراء الحرب والنزاعات، إلا أنها مازالت تقدم الرعاية الطبية إلى السكان الأكثر تضرراً وهذا هو محور هدفها الإنساني".
وكثيرًا ما صدرت تقارير دولية بيَّنت حجم المأساة التي يمر بها السكان في مناطق سيطرة الحوثيين، ومدى التضرُّر الحاد الذي نال من القطاع الصحي على مدار الأشهر الماضية.
وقبل أسابيع، وصفت منظمة الصحة العالمية الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها "الأسوأ في العالم"،
وقالت إنّ الأمراض أوصلت نسبة كبيرة من السكان إلى شفا الموت، مشيرة إلى إصابة نحو 700 ألف بمرض الكوليرا.