إمارة خلّة في الضالع سبعة قرون طي النسيان
تقع قرية خلة -على بعد 15كلم شمال شرق مدينة الضالع ’ويجهل كثيرون أن "خلة "ضلت لسبعة قرون عاصمة اقتصادية وسياسية " لمشيخية "المفلحي الممتدة من أعتى أفخاذ المكاتب اليافعية الأصيلة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ كواحدة من الإمارات الجنوبية القليلة التي حافظت على وجودها الجغرافي وازدهارها الاقتصادي وتماسكها الاجتماعي كدويلة صغيرة لها نظامها السياسي وهي أول من أنشأ مجلس شورى واسع الصلاحيات ونظام إداري ومالي ومحاسبي متكامل "بحسب المخطوطات والصور "
وأطلق على خلة بداية اسم "أخلة "وهي حاضرة بلاد المفلحي شهدت ازدهارا معماريا وزراعي لوقوعها في ممر مائي مطل على غابات ومزارع تهطل عليها الأمطار في غالب شهور السنة حيث امتهن أهلها الزراعة واتخذوا من الجبال بيوتا تقيهم هجمات الطامعين وبنوا القلاع والحصون في أعالي جبل محاذي لقمة "عقرم " الشاهقة التي عبدها الحميريون قبل الإسلام لاعتقادهم بأنها آله الخير والخصب .
أيام نحت الصخور السبعة :
وأعلى منازل المفالحة قصر الأمير المحاط بالسدود السبعة والتي يصل عمقها الى خمسة أمتار تقريبا وفيها يخزن الماء والحبوب وهي من العجائب الدالة على حنكة وقدرة المفالحة على نحت الصخر حيث يصل عمرها الى أكثر 600 عام .
الباحث عبد الرحمن المفلحي يقول : إن نحت الصخور الصماء كان يتم خلال أيام سبعة "الرخوة "التي لا يعرف توقيتها إلا القليل وفيها تصبح الصخور الصماء قابلة للنحت والحفر .
تىبراءة اختراع نبتة السمسم الحافظة للماء من التعفن :
اكثر ما يصيبك بالذهول في جبل الحكومة كما يسميه أهل" خلة "مادة نباتية خضراء اللون يزرعها المفالحة لمرة واحدة في سد الماء المنحوت وسط الصخور الصماء أعلى جبل خلة وبقدرة الله تنتشر مادة السمسم طرية الملمس على سطح الماء كقطيفة خضراء تعمل على حفظ الماء من التعفن فلا تتكاثر فيه البكتيريا أو الفطريات والطحالب كعهدها في المياه الآسنة حيث يضل الماء نقيا عذبا "لا يتسنه " ولا يتغير طعمه أو لونه أو رائحته .
على الرغم من أن الرعاة وزوار الجبل يستخدمونه على مدار اليوم وبطريقة عابثة أحيانا حيث ترمى فيه قناني فارغة ومواد بلاستيكية غير أنك تراها معزولة بفضل مادة السمسم وما أن تزيح بيدك طبقة السمسم الخضراء عن سطح البركة الصخرية حتى تظهر صفحة الماء باردة نقية زلال طيبة الطعم والرائحة .
أول قانون للحفاظ على البيئة:
تذكر مخطوطات مشيخة المفلحي أن أميرها اتخذ قرارا يقضي بمعاقبة كل من يقوم بقطع شجرة خضراء وثبت عليه ذلك بالنضر أو شهادة عدلين وتقضي عقوبته بغرامة عينية تتمثل في ذبح ثور يطعم للفقراء والمحتاجين في أول تشريع وقانون يطبق في المنطقة ويهدف للحفاظ على البيئة النباتية ونموا الغابات بشكل مستمر .
المحجر الصحي للإمارة "المخمج"
مشيخة خلة كانت سباقة في إنشاء أول محجر صحي في عموم البلد ويروي أن "شوطة" جدري قد اصابت العديد من أهالي خلة قبل سنوات عديدة وسميت بالدارجة "الخامج "وهو مرض جلدي معد ينتشر بسرعة كبيرة حيث اتخذت الإمارة قرارا بعزل المصابين في كهف بعيد عن السكان ومعالجتهم بمصل يوضع أسفل الجلد يحتوي على العسل وتقول المخطوطات أن كثير من المصابين قد تماثلوا للشفاء .
يقول الباحث والشخصية الاجتماعية بخلة " الشيخ عبدالرحمن المفلحي "إن المحجر مازال موجود ويعرف بالمخمج نسبة الى اسم المرض "الجدري " ويشير الى أن نهضة تعليمية شهدتها إمارة خلة تمثلت في إنشاء مدرسة وقسم داخلي توافد إليه الطلاب من عموم منطقة يافع والمناطق المجاورة حيث كانت تدرس علوم القرآن الكريم وبعض العلوم المعروفة آنذاك .ومازالت المدرسة وقسمها الداخلي شاهدين حيين على حضارة مشيخة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ طمست هويتها وتاريخها في خضم صراع سياسي نضر الى حقبة ما قبل وجوده كعدو ينبغي بتر صلته بماضية وتاريخه وحضارته .
يقول الشخصية الاجتماعية والقيادي في الحراك الجنوبي بخلة الاستاذ "نايف محسن "
:إن صفات أهل خلة متجذ رة كطباع أصيلة وعريقة عراقة تاريخها ولذلك تراهم سباقين في التضحية والبذل والعطاء
ويشير نايف الى نماء وازدهار خلة في الحاضر والماضي البعيد بتوفيق من الله وطيبة أهلها وتكاتفهم وتعاونهم .
رسالة :
ولخلة أطلال ومشاهد وآثار ماثلة تبحث عن أياد متخصصة تتمكن من دراستها والبحث في سجلات الأجداد التي ما زال بعضها باق الى اليوم وإن كتب بقلم مسند قديم لكن البلاد التي تعصف بها الأزمات والحروب وتتقاذفها المحن و التجاذبات بطبيعة الحال لسان حال القائمين والمهتمين بالتاريخ والتراث هناك " الحي أبقى من الميت "