عراقيل المساعدات.. ضعوط دولية حاصرت المليشيات في المربع الضيق
تتواصل التحذيرات والتوجُّهات الدولية نحو وقف تسليم المساعدات لليمن، بعدما ارتكبت المليشيات الحوثية عديد الجرائم في هذا السياق، لا سيّما فيما يتعلق بنهب المساعدات وعرقلة توزيعها، وهو ما قول برضوخ "متأخّر" من قبل المليشيات.
الاتحاد الأوروبي أكّد أنّ العوائق التي يفرضها الحوثيون على نشاطات الإغاثة في اليمن قد تؤدي إلى خفض المعونات وربما وقف توزيعها.
وطالب الاتحاد الأوروبي، في بيان، بإزالة القيود والعوائق أمام نشاطات الإغاثة في اليمن فورًا وبصفة نهائية، معتبرًا أنّ تدهور الأوضاع في اليمن بات يهدد المساعدات الإنسانية الحيوية.
البيان الأوروبي صدر بعد اجتماع عقدته الدول المانحة للمساعدات إلى اليمن، حول الصعوبات التي تواجهها منظمات الإغاثة.
ومع التلويح بوقف المساعدات إلى اليمن، سارت أنباء عن تراجع ميليشيا الحوثي عن فرض ضريبة على المساعدات الإغاثية، حيث نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أممي قوله إنّ الحوثيين تخلوا عن التهديد بفرض ضريبة على المساعدات الإنسانية.
وصرّح المسؤول المتمركز في صنعاء، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، إنّ إدارة المليشيات قررت في اجتماعها الأخير، إلغاء نسبة 2% التي كان المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي التابع للحوثيين يعتزم فرضها على المساعدات.
وأشار إلى وجود عدة قضايا أخرى يجب التطرق لها كمعوقات الوصول والبيروقراطية التي تعرقل توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويحتاج أكثر من ثلثي اليمنيين للمساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حاليًّا.
وأمس الأول الخميس، اجتمع مسؤولون أمميون ومنظمات إنسانية في بروكسل لبحث مقترح الحوثيين فرض ضريبة بمقدار 2% على المنظمات وغيرها من العراقيل.
وقبيل الاجتماع في بروكسل، طالب المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات جانيز لينارجيك أن تلتزم كافة الأطراف بالقانون الدولي الإنساني وضمان وصول آمن للمنظمات الإنسانية دون أي عوائق.
وقال يان إيجلاند الأمين العام لـ"المجلس النروجي الأعلى للاجئين" في حديث وكالة "فرانس برس": "الأمر لا يمكن أن يستمر، أكبر شريان حياة في الأرض في خطر".
المليشيات الحوثية ارتكبت على مدار السنوات الماضية الكثير من الجرائم والانتهاكات التي أعاقت توزيع المساعدات الدولية وهو ما أدّى إلى إقدام العديد من الأطراف إلى التحذير بتعليق هذه المساعدات التي لم تسلم من النهب والسطو الحوثي.
الجرائم الحوثية في هذا الصدد فاقمت من الأزمة الإنسانية في اليمن، وهي مُصنّفة بأنّها الأسوأ على مستوى العالم حسبما توثّقه التقارير والبيانات الدولية.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش شدَّد على ضرورة الحفاظ على استمرارية العمليات الإنسانية في اليمن والتي تجري في ظروف مليئة بالتحديات.
وقال ستيفان دوجاريك الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان له، إنّ جوتيريش يتابع الأوضاع الإنسانية في اليمن عن كثب.
وأضاف دوجاريك: "الأمين العام يشدد على أهمية الحفاظ على استمرارية العمليات الإنسانية التي تتم في ظروف مليئة بالتحديات ولكنها توفر مساعدات منقذة للحياة لملايين اليمنيين".
وأكّد دوجاريك دعم الأمين العام للحوار المتواصل بين جميع الأطراف المعنية في اليمن لضمان وصول المساعدة إلى كل من يحتاج إليها بما يتوافق مع المبادئ الإنسانية.
تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة تأتي في وقتٍ كشف فيه مسؤولون أمريكيون لصحيفة "واشنطن بوست" أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس تعليق جزء كبير من مساعداتها الإنسانية لليمن كرد على القيود التي يفرضها الحوثيون، والتي تشمل سرقة المساعدات وتمويلها لمقاتليهم في الجبهات بالاضافة إلى الانتهاكات والمعاملات السيئة التي يمارسونها ضد عمال ومسؤولي المنظمات الإنسانية.
وكان فريق لجنة الخبراء التابع للأمم المتحدة كشف في تقريره السنوي أنّ ما يثير القلق بشكل خاص هو اشتراط الحوثيين على أن 2٪ من ميزانية كل مشروع إنساني تمت الموافقة عليه ستذهب لصالح المليشيات.
وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية إنّ الولايات المتحدة تنسق مع الدول المانحة الأخرى ومنظمات الإغاثة بشأن ردود محتملة على "الضريبة" التي تفرضها مليشيا الحوثي على مشروعات المساعدة وغيرها من الإجراءات الجديدة في مناطق سيطرة الحوثيين.
وذكر المسؤول الأمريكي الرفيع، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "نحن في وضع مؤسف ونحاول جاهدين حل المشكلة (..) وإذا تم اتخاذ مثل هذا الإجراء، فسيتم فرضه بسبب إعاقة وسرقة الحوثيين التي لم يسبق لها مثيل".
وأضاف أنّ تعليق أو تقليص المساعدات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ستكون مسألة محورية بالنسبة للولايات المتحدة والجهات المانحة الأخرى وذلك عندما تجتمع الدول المانحة ومجموعات الإغاثة في بروكسل هذا الأسبوع.