هل توفرت الإرادة الدولية لإنهاء الأزمة اليمنية؟
رأي المشهد العربي
في أعقاب التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى بين الشرعية والمليشيات الحوثية، وذلك بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة ضبط منظومة صواريخ إيرانية كانت في طريقها للمليشيات الحوثية، تصاعدت وتيرة الحديث عن وجود إرادة دولية جادة لإنهاء الأزمة اليمنية، غير أن تفاصيل ما يجري على أرض الواقع لا ينبأ بذلك لعدة أسباب نشرحها بالتفاصيل.
فيما يخص مفاوضات عمان التي انطلقت قبل أسبوع تقريباً وتُوجت بصفقة أسرى غير واضحة المعالم حتى الآن لا يمكن التغاضي عن الظروف المحيطة بالصفقة، إذ أنها جاءت في وقت توطدت فيها علاقة مليشيات الإخوان التي تهيمن على الشرعية مع المليشيات الحوثية، وأن ذلك انعكس على عملية تسليم وتسلم الجبهات التي جرت خلال الأيام الماضية قبل الجلوس على مائدة التفاوض، وبالتالي فإن الأمر قد يكون له علاقة بتقارب إيديولوجي وليس رغبة صادقة من الطرفين في السير على طريق إنهاء الأزمة.
ما يعني أن الصفقة جاءت على الأغلب برغبة الأطراف الداخلية وليس ضغطاً من الأمم المتحدة أو مبعوثها الأممي الذي فشل في تحقيق تقدم يذكر على مستوى المفاوضات السياسية بين الطرفين منذ التوقيع على اتفاق ستوكهولم، قبل أكثر من عام، وأن ذلك انعكس على إحاطته المتتالية في مجلس الأمن والتي تضمنت عبارات مخففة بحق الجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية الإرهابية، والتي لا يمكن البناء عليها لإنهاء الازمة.
التحركات الأممية الحالية أغفلت الإشارة إلى محاولات التدخل الإقليمي في الأزمة اليمنية، في أعقاب تكثيف التعاون بين قطر وتركيا وإيران، حتى أن تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، التي حمّلت إيران مسؤولية تمويل المليشيات الحوثية أغفلت الدور القطري الخفي والذي لا يقل خطورة عما تقدم عليه إيران، وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا التي تحاول أن تنسج تعاوناً بين العناصر الإرهابية ومليشيات الإصلاح من أجل مزيد من تأزيم الموقف على مختلف الجبهات.
إذا كانت هناك رغبة دولية صادقة لإنهاء الأزمة اليمنية لكان هناك تعامل مختلف مع الانتهاكات الحوثية اليومية في الحديدة، بعد أن تعرضت جبهة الساحل الغربي لانتكاسة قوية منذ التوقيع على اتفاق السويد برعاية دولية من الأمم المتحدة، وأن بقاء الأوضاع على ما هي عليه الآن يبرهن أيضاً على غياب الإرادة الدولية، في ظل الصمت الغريب على استهداف نقاط الانتشار الأممية يوماً تلو الآخر، وكأن ما يجري يحدث بغطاء دولي بعد أن انتهكت المليشيات الحوثية جميع العهود والمواثيق الخاصة بالتهدئة.
وكذلك فإن توفر الإرادة الدولية كان سيعني تقديم مزيد من الدعم إلى قوات التحالف العربي، والتي تسعى جاهدة بكل السبل لإنهاء الانقلاب الحوثي على الشرعية وحل الأزمة بالسبل السياسية، بل أنه من الواضح أن محاولات التحالف تسير في اتجاه فيما يقبع المجتمع الدولي في اتجاه آخر، بالرغم من الدعم الصوري الذي تقدمه الأمم المتحدة لمحاولات المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.