المُعذَّبون في الأرض.. كيف يفاقم الحوثيين مأساة اليمن؟
"غلق مطار صنعاء أمام الطائرات الأممية".. رصاصةٌ جديدةٌ أطلقتها المليشيات الحوثية الموالية لإيران تستهدف من خلالها إطالة أمد الحرب، ومضاعفة الأزمة الإنسانية.
المليشيات الحوثية أقدمت خلال الساعات الماضية على إغلاق مطار صنعاء أمام رحلات منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية والإنسانية الدولية.
مصادر "المشهد العربي" قالت إنّ مليشيا الحوثي أبلغت منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في اليمن ليزا جراندي والمنظمات الدولية العاملة في اليمن، بأنها قررت إغلاق مطار صنعاء بشكل تام أمام رحلاتها لمدة 14 يوماً بحجة مواجهة فيروس كورونا.
وأضافت المصادر أنَّ مطار صنعاء يستقبل ثلاث رحلات بشكل يومي، مشيرةً إلى أنَّ القرار هو نوع من الابتزاز وبخاصةً أنَّ الموظفين الدوليين يصلون بعددٍ قليل، كما أنَّ منظمة الصحة العالمية قدمت مساعدات وأدوات لإقامة المحجر الصحي والفحص للموظفين الدوليين.
يُمثِّل هذا التضييق الحوثي صفعة جديدة من قِبل المليشيات الحوثية لمجال العمل الإنساني، وتستهدف من خلالها إطالة أمد الحرب على النحو الذي يُكبِّد المدنيين كثيرًا من الأثمان الفادحة.
تمثل سرقة المساعدات أحد أبشع صنوف الاعتداءات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية الموالية لإيران، حتى خلّفت كثيرًا من المآسي الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ويقول خبراء إنّ إعاقة مليشيا الحوثي المساعدات ونهبها جريمة حرب تستوجب المحاكمة من قبل المنظمات الدولية المعنية.
ولا تجد المنظمات الدولية أي ضمانات حوثية لوصول المساعدات إلى مستحقيها، ما دفعها للتهديد أكثر من مرة بتخفيض حجم المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.
وقبل أيام، كشفت مصادر عاملة في مجال المساعدات الإنسانية في صنعاء لـ"المشهد العربي"، أنَّ جميع المشروعات الإغاثية والتنموية للمنظمات الدولية متوقفة منذ يناير الماضي بسبب رفض ما يسمى المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشئون الإنسانية الذي أنشأ بواسطة مليشيا الحوثي, منح تصاريح للمشروعات الجديدة.
وأوضحت المصادر أنَّ المجلس الذي قامت المليشيات بإنشائه للسيطرة على المساعدات، رفض منح أي تصريح لمشروع جديد منذ يناير الماضي, وأنّ النشاط الإنساني مهدد بالتوقف جراء تعنت المليشيات.
وأضافت أنّ المليشيات تطالب بشكل صريح وفج مبالغ مالية مقابل تسهيل المشروعات الإنسانية والإغاثية التي تنفذها منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني.
وأشارت المصادر إلى أنّ المليشيات تطالب بإعادة صرف المبالغ التي كان يقدمها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وكانت مليشيا الحوثي قد قامت بفرض ضرائب على المشروعات الإغاثية والإنسانية ردا على إيقاف الميزانية التي كانت تصرف من ( أوتشا ) للحوثيين, قبل أن تتراجع بعد الضجة الأخيرة .
غير أنّ المصادر أكّدت أنّ المليشيات ما تزال ترفض منح تصاريح جديدة للمشروعات الإنسانية والإغاثية رغم إعلانها التراجع عن فرض الضرائب.
ولفتت المصادر إلى أنّ سلسلة اجتماعات عقدت بين ممثلي منظمات الأمم المتحدة وقيادات حوثية في صنعاء لتجاوز العراقيل, غير أنّها تعود إلى نقطة الصفر جراء إصرار المليشيات على إعادة المبالغ التي كانت تصرف لقيادات حوثية.
مثل هذه الجرائم الحوثية تتسبّب بشكل مباشر في تعميق الأزمة الإنسانية، التي توثِّقها التقارير الدولية بأنّه الأبشع على مستوى العالم.
وتقول الأمم المتحدة إنّ اليمن يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج أكثر من 24 مليون شخص لمساعدة إنسانية، بمن فيهم أكثر من 12 مليون طفل.
وتؤكد التقارير الأممية استمرار تعرُّض الأطفال للقتل والإصابة في النزاع، حيث يعاني 360 ألف طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد الوخيم ويحتاجون إلى العلاج، مع تفشي لحالات الإسهال المائي الحاد والكوليرا المشتبه به في أوائل عام 2019.
كما أدت الأضرار التي لحقت بالمدراس والمستشفيات وإغلاقها إلى تعطيل إمكانية الحصول على خدمات التعليم والصحة، مما ترك الأطفال أكثر حرماناً وسَلَب مستقبلهم منهم.