قراءة في كلمة عبد الملك الحوثي.. أكاذيب لإنقاذ الميشيات
"اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس".. شعارٌ رفعه زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي وهو يخاطب أنصاره في الذكرى السادسة لإطلاق عاصفة الحزم، معتمدًا على سلسلة من الأكاذيب في محاولة لإخفاء كثيرٍ من الحقائق.
المليشيات الحوثية منيت على عديد الجبهات وتلقّت ضربات عسكرية موجهة، ظهرت واضحة في تشييع العديد من قتلى هذا الفصيل الإرهابي على مدار الأيام الماضية.
وحصل "المشهد العربي" على معلومات بشأن العناصر الحوثية التي شيّعتها المليشيات خلال الأيام الماضية، حيث شيّعت 50 من قياداتها العسكرية والأمنية الميدانية ليرتفع العدد المعلن عنه منذ مطلع مارس الجاري إلى 96 قتيلًا.
وشيعت المليشيات قياديًّا برتبة عميد يدعى سمير الغولي، و15 يتقاسمون بالتساوي رتب عقيد ومقدم ورائد، إضافة لأربعة برتبة نقيب وآخرين يتوزعون على الرتب العسكرية، ملازم أول وثاني ومساعد، بينما 15 قياديًّا لم تحدد رتبهم إلا أنّ ثمانية منهم يحملون لقب "مشرف" هو تسمية تنظيمية تطلقها المليشيات الحوثية على قياداتها في مستويات قطاعية ومحلية مختلفة.
وتقول مصادر محلية إنَّ العدد الحقيقي للقتلى الحوثيين يفوق بكثير الأعداد المعلنة لعدم تغطية وسائل إعلام المليشيات، ومعظم الجنازات في مدن ومناطق ثانوية، وهو ما تظهره وقائع التشييع في محافظات ومدن محدودة.
أمام هذه الحقائق الموثقة، فإنّ عبد الملك الحوثي حاول إنقاذ الروح المعنوية لعناصره، وذلك من خلال إطلاقه سلسلة من الأكاذيب، تعلّقت تحديدًا بالقدرة التسليحية لهذا الفصيل الإرهابي المدعوم من إيران.
ففي خطابه، زعم عبدالملك الحوثي، أنّ قواته باتت تنتج الأسلحة من الكلاشنيكوف إلى الصواريخ الباليتسية والطائرات المسيرة, معتبرًا ذلك بمعجزة إلهية.
تصريح عبد الملك يُعبّر عن محاولات مفضوحة لإعادة الثقة إلى صفوف عناصره بعدما تحطّمت الروح المعنوية فيما بينهم على إثر الضربات الموجعة التي تلقّاها هذا الفصيل الإرهابي المدعوم من إيران.
في الوقت نفسه، حاول عبد الملك إنقاذ جبهته الداخلية، محاولًا الابتعاد عما يجري في أروقتها لا سيّما خلال الأيام القليلة الماضية، من تصارع واقتتال يندلع بسبب خلافات على الأموال والنفوذ.
أحدث حالات هذا الاقتتال وصل إلى تآكل الصف الأول من الحوثيين، وذلك عندما اعترفت المليشيات بمقتل قائد المنطقة العسكرية الثالثة التابع لها، اللواء مبارك المشن الزايدي، في اشتباكات بينية بين قيادات حوثية في مديرية صرواح، غربي مأرب.
وأصدر مهدي المشاط رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" التابع للمليشيات توجيهات قضت بتشكيل لجنة لتحقيق في حادثة مقتل الزايدي وبعض مرافقيه في جبهة صرواح والتي يتم الوقوف وراء الحادثة عبدالولي الحوثي.
وتضمّنت توجيهات المشاط، وفق مصادر محلية، بضرورة الاجتماع خلال 24 ساعة من صدور التوجيهات والرفع بالنتائج خلال أسبوع.
واندلعت اشتباكات داخلية عنيفة بين قيادات المليشيات في حباب خولان، بين مرافقي مبارك المشن المعين من المليشيات قائدًا للمنطقة الثالثة ومشرف جبهة صرواح المدعو عبدالولي الحوثي.
وتكبدت مليشيا الحوثي خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في المعارك الدائرة بجبهة صرواح والبيضاء، وتلك الخسائر تسببت في اندلاع خلافات ومواجهات داخلية بين قيادات الحوثي.
هذه الحقائق الدامغة يحاول عبد الملك الحوثي بكل السبل إخفاءها، منعًا لحدوث تفكّك أكبر في جبهته الداخلية على النحو الذي يقود معسكره إلى الانهيار التام.
ولم ينسَ عبد الملك الحوثي توجيه الشكر للدولة التي حافظت على بقاء مليشياته طيلة هذه السنوات، والحديث هنا عن إيران التي حظيت بإشادة خاصة من زعيم المليشيات ووصف موقفها بـ"أوضح وأصدق موقف".
وعلى مدار السنوات الماضية، حظيت المليشيات الحوثية بصنوفٍ عديدة من الدعم العسكري من قِبل إيران، على النحو الذي أطال من عمر هذا الفصيل الإرهابي.
وكانت إيران قد حاولت إخفاء دعمها المسلح للمليشيات الحوثية على مدار السنوات الماضية، خرجت طهران بتصريح غير معتاد، كشفت فيه عن دعمها لهذا الفصيل الإرهابي، وقد كان ذلك في فبراير الماضي.
ففي أول مرة تكشف فيها إيران عن مدى قدرة تواجدها الفعلي في اليمن منذ بدأت الحرب قبل خمس سنوات، أكّد أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران محسن رضائي إنّ طهران تمكَّنت من نقل تقنياتها العسكرية إلى لبنان وفلسطين واليمن عبر قائد فيلق القدس قاسم سليماني، في إطار مساعيها لتصدير الثورة الإيرانية.
رضائي في مقابلة بثتها قناة الميادين، هاجم السعودية وزعم أنّ المملكة تعرضت لضعف شديد وباتت غير قادرة على مواجهة دولة فقيرة كاليمن، وأضاف: "الخطوة الثانية للثورة الإيرانية بدأت بمواجهة اقتصادية وسياسية وعسكرية جادة مع أمريك.. هدف إيران في المواجهة الجديدة هو إخراج الولايات المتحدة من المنطقة ونحن جادون للغاية".
ويمكن القول إنّ الدعم الإيراني للحوثيين على مختلف الأصعدة مثّل أحد أهم الوسائل التي مكّنت المليشيات من إطالة أمد الحرب إلى الوقت الراهن.