إحصاءات مفصلة.. كيف التهم الحوثيون رواتب الموظفين؟
يُمثِّل وقف صرف المرتبات واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الحوثية على مدار سنوات الحرب، ما خلّف وضعًا إنسانيًّا شديد البؤس.
وكشفت مصادر حقوقية واقتصادية أنّ مستحقات الموظفين المتراكمة لدى مليشيا الحوثي منذ أغسطس 2016 حتى نهاية مارس 2020، بلغت نحو 3 تريليونات و150 مليار ريال، بمعدل 75 مليار ريال شهريًّا، وفقًا لمخصصات المرتبات والأجور للموازنة العامة.
ومنذ الربع الأخير من عام 2016، توقفت ميليشيا الحوثي عن دفع مرتبات الموظفين والبالغة نحو 900 مليار ريال سنويًّا، وتركت مليونًا و250 ألف موظف حكومي وأسرهم بدون مرتبات.
وتسبّبت مليشيا الحوثي في حرمان 25% من الأسر من مصدر دخلها الرئيسي، الأمر الذي أثر على حياة ملايين السكان وعمق الفقر، وفاقم الأزمة الإنسانية.
وبحسب المصادر، تبلغ تكلفة الفرصة الضائعة المباشرة على الموظفين جرّاء توقف دفع رواتبهم حوالي75 مليار ريال شهريًّا، منها 50 مليار ريال لموظفي الخدمة المدنية.
وينهب الحوثيون الموارد في مناطق سيطرتهم، ويبتزون السكان والتجار بالضرائب ورسوم الخدمات، ويعطلون الخدمات ولا يصرفون الرواتب،.
وأكد تقرير التقييم الطارئ للأمن الغذائي والتغذية، أن توقف الراتب الذي كان يستلمه الموظف الحكومي، كان يمثل، كذلك، دخلاً شهرياً لمؤجري المساكن وأصحاب المحلات التجارية وغيرهم، وتوقفه أثر سلبياً على الطلب الكلي وتعميق الانكماش الاقتصادي واتساع أزمة البطالة وظاهرة الفقر.
ومع ارتفاع فاتورة الديون يقل الطلب الاستهلاكي للموظفين الذين يعيشون بدون رواتب، حيث يستحوذ الموظفون على ما نسبته 36% من الطلب الاستهلاكي للسلع والخدمات في السوق المحلية وفقًا لتقارير رسمية.
وتعلِّق مليشيا الحوثي، رواتب حوالي 1.25 مليون موظف حكومي، يعيلون 6.9 مليون نسمة، منهم 3.3 مليون طفل، ما صعبَ وصولهم إلى السلع والخدمات الغذائية وغير الغذائية خاصة أن 31.8 % منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وتعمل المليشيات الحوثية الموالية لإيران، على تضخيم الأزمة الإنسانية على النحو الذي يضمن لهذا الفصيل الإرهابي استمرار سيطرته الغاشمة على هذه المناطق.
أحد أوجه هذا الإرهاب الحوثي يتمثّل فيما شهدته محافظة صنعاء من ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الغذائية والمواد الطبية المعقمة والكمامات، بالتزامن مع إقبال كبير من جانب السكان لشراء احتياجاتهم بدافع الخوف من انعدامها، وسط اتهامات للجماعة الحوثية بأنها أوعزت لكبار التجار الموالين لها بافتعال الأزمة غير المبررة.
وأفاد سكانٌ في صنعاء بأنّهم جابوا أسواق ومحال بيع المواد الغذائية لشراء ما يحتاجونه لكنهم صدموا بذلك الارتفاع الكبير لأسعار المواد الاستهلاكية الضرورية كالقمح والسكر والزيت والأرز وغيرها، في كل المحال التي زاروها.
وأضاف السكان أنّ المواد المعقمة والمطهرة والكمامات والقفازات التي تقي من مخاطر الإصابة بـ"كورونا"، ارتفعت هي الأخرى وبصورة مفاجئة إلى أضغاف عما كانت عليه في السابق، كما اتهموا قادة المليشيات بأنّهم يقفون وراء اختفاء المخزون الكبير من مواد التعقيم والمطهرات والكمامات، وارتفاع أسعارها إلى نحو 300%.
وبالتوازي مع ارتفاع أسعار المواد الوقائية، ارتفعت أسعار السلع الغذائية بصنعاء، حيث وصلت أسعار بعض تلك المواد إلى أرقام كبيرة وصفها كثيرون بـ"المفزعة والخيالية".
وبرزت مخاوف عدة بمناطق نفوذ الحوثيين، من أزمة غذاء تجتاح مدنهم، خاصة مع التداعيات الناجمة عن إجراءات الوقاية من "كورونا" بما فيها إغلاق المنافذ جزئيًّا، فضلًا عن مخاوف من إغلاق الأسواق والمحلات التجارية.
وقالت مصادر محلية في صنعاء إنّ الارتفاع الأخير لأسعار المواد الغذائية ومواد التعقيم، أثار قلقًا كبيرًا لدى سكان صنعاء من انعدامها، الأمر الذي حدا بكثيرين منهم للخروج للأسواق وشراء ما أمكن منها.
وبمقابل ارتفاع الأسعار، كشفت المصادر عن اختفاء كميات كبيرة من الدقيق الأبيض من أسواق صنعاء، بحجة نزول تسعيرة جديدة للأصناف، في مبرر مفضوح وابتزاز متواصل من الميليشيات للمواطنين والتجار بمناطق سيطرتها.
وتشهد المواد الغذائية كل يوم ارتفاعًا جديدًا، دون أي إجراءات حوثية متخذة لوقف ذلك العبث والاستغلال، حيث ارتفعت مؤخرًا الأصوات باتهام المليشيات، بالتواطؤ مع ما يبدو استغلالًا من جانب التجار لمخاوف وصول "كورونا" إلى اليمن، ومساعيهم لافتعال أزمة غذاء بالتوازي.
ويتهم سكان صنعاء، المليشيات بأنها أطلقت يد التجار بمناطق بسطتها لفرض الأسعار مهما كانت مرتفعة، في مقابل دفع الإتاوات المقررة من الحوثيين والتي تدفع على أشكال متعددة وتحت مبررات متنوعة.
وأكّد السكان أنّ أسعار الخضار والفواكه في صنعاء شهدت هي الأخرى ارتفاعاً كبيراً، نتيجة الجبايات التي تفرضها المليشيات على المزارعين والتجار والمستوردين والباعة بالتجزئة والجملة.
يشهد اليمن أكبر العمليات الطارئة التي ينفذها برنامج الأغذية العالمي في أي مكان بالعالم، وتستهدف توفير الغذاء لنحو 12 مليون شخص شهريًّا من الأكثر ضعفًا وتضررًا بانعدام الأمن الغذائي.
وقال البرنامج إنَّ هذا المستوى من الاستجابة حيوي لمنع انزلاق اليمن إلى هاوية المجاعة.
ويواجه حوالي 20 مليون شخص نقصًا حادًا في الغذاء، وفق تقييم الأمن الغذائي الذي أجري أواخر عام 2018، ويحتاج أولئك الناس إلى المساعدات الغذائية العاجلة والدائمة للبقاء على قيد الحياة.