الاستراتيجية الحوثية والتغاضي الأممي.. واقعٌ أطال أمد الحرب
"المليشيات لن تجنح في طريق السلام".. خلاصة الاستراتيجية التي تتعامل بها المليشيات الحوثية مع مجريات الأوضاع في اليمن، تُقابل في الوقت نفسه بما يمكن اعتباره تراخيًّا أمميًّا لإلزام هذا الفصيل الإرهابي للانخراط في مساء السلام.
وتأكيدًا لهذا الأمر، أكّدت صحيفة "الخليج" الإماراتية أنّ الاستفزازات التي تقوم بها مليشيا الحوثي، وبخاصةً في الأسابيع القليلة الماضية؛ تشير إلى أن الاستعداد للسلام ليس من أجندتها.
وأضافت أنّ المليشيات الحوثية مصرة على تخريب العملية السياسية، والتمسك بخيار الفوضى، بديلاً عن المفاوضات حلاً للأزمة القائمة.
وأشارت الصحيفة، إلى أنّ عملية القصف الإجرامية، التي قامت بها أمس الأول الأحد، لسجن النساء في مدينة تعز، جاءت لتُشكِّل دليلًا إضافيًّا على غياب العقل السياسي الناضج، الذي يراهن عليه المجتمع الدولي؛ لإنجاز تسوية شاملة .
وذكرت "الخليج" أنّ الاعتداءات المتكررة التي تقوم بها مليشيات الحوثي هي مؤشر على رغبة الجماعة في السعي إلى استمرار الحرب، والبحث عن اهتمام إعلامي في ظل أولوية تصدي العالم لجائحة كورونا.
ولفتت إلى أنّ الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات الحوثية، زادت خلال الفترة الأخيرة لتؤكد أن خيار السلام ليس مطروحاً في أجندتها، وكل ما تريده هو استمرار الحرب؛ لأنها توفر لها سبل البقاء والاستمرار في السيطرة على المناطق التي تخضع لجبروتها.
وأفادت الصحيفة بأنّ المليشيات الحوثية تجاوزت عملية البحث عن السلام المفقود، والذي ترعاه الأمم المتحدة، بمباركة من التحالف العربي، واتجهت بدلاً عن ذلك إلى وضع المزيد من التعقيدات؛ لمنع توافقات سياسية، تفضي إلى سلام دائم وشامل، من شأنه أن ينهي الحرب المستمرة منذ سنوات طويلة.
ولا يبدو أنّ المليشيات الحوثية مستعدة للانخراط في أي مسار نحو السلام، لا سيّما أنّ هذا الفصيل الإرهابي يُحقِّق الكثير من المكاسب على مختلف الأصعدة من جرّاء إطالة أمد الحرب.
وكانت الأمم المتحدة قد وجّهت - قبل أيام - دعوة عاجلة لوقف النزاع في اليمن، تزامنًا مع تحذيرات دولية عديدة تنبِّه إلى المخاطر الكارثية من وصول فيروس كورونا المستجد إلى اليمن.
وجدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرتش دعوته إلى وقف النزاع في اليمن، وقال إن النزاع تصاعد على الرغم من دعم وقف إطلاق النار من مختلف أطراف النزاع، وشدّد على ضرورة وضع حد للصراع الكارثي والكابوس الإنساني في اليمن، مطالبًا جميع أطراف النزاع بالجلوس حول طاولة المفاوضات.
وأوضح جوتيرتش: "يجب أن تكون هناك معركة واحدة فقط في عالمنا اليوم هي معركتنا المشتركة ضد فيروس كورونا".
بالتزامن مع دعوة جوتيرتش، واصل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث جهوده من أجل إنهاء الحرب في اليمن، بعدما دخلت عامها السادس، وخلّفت واقعًا شديد البؤس، يدفع ثمنه المدنيون.
وسبق أن كشفت مصادر مطلعة عن أنّ جريفيث فتح أربع جبهات أممية، يسعى من خلالها لإنهاء الحرب، تتمثّل في وقف كامل لإطلاق النار في أرجاء اليمن كافة أولاً، وثاني الجبهات إجراءات إنسانية واقتصادية لتخفيف معاناة السكان، وثالثها استئناف عاجل للعملية السياسية، أما رابعها فهو تعزيز جهود مشتركة بين الأطراف لمواجهة خطر فيروس (كوفيد - 19) الذي يجتاح العالم.
وكشف مكتب جريفيث أنّه عقد سلسلة من المناقشات الثنائية مع الأطراف بشكل منتظم لبحث خطوات محددة، بشكل يومي، بهدف الجمع بين الأطراف في اجتماع (افتراضي) متلفز، من خلال الإنترنت في أقرب وقت ممكن.
حديث جريفيث عن حلحلة سياسية لا يجب أن يقابل بموجة تفاؤل كبيرة، فكثيرًا ما تمّ الإعلان عن خطوات مماثلة إلا أنّ شيئًا على الأرض لم يتحقق، فالمليشيات الحوثية واصلت ارتكاب الجرائم والخروقات وهو ما أطال أمد الحرب، وكبّد المدنيين كثيرًا من الأثمان الفادحة.
وفيما دخلت الحرب عامها السادس، ومع بلوغ الأزمة الإنسانية حدًا أصبح من غير المقبول السكوت أمامه أكثر من ذلك، فإنّ الأمم المتحدة أصبحت مطالبة بالعمل فورًا على تغيير استراتيجيتها، لا سيّما فيما يتعلق بالضغط على المليشيات لإرغامها على السير في طريق السلام.
ويُنظر إلى اتفاق السويد بأنّه الدليل الأكثر وضوحًا حول هذه الحالة من العبث، فعلى الرغم من مرور أكثر من عام على توقيع الاتفاق "ديسمبر 2018" وفيما قد نُظِر إليه بأنّه خطوة أولى على مسار الحل السياسي فإنّ المليشيات الحوثية ارتكبت أكثر من 13 ألف خرق لبنود الاتفاق.
لا يقتصر الأمر على هذا الأمر، بل تغاضت الأمم المتحدة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تجبر المليشيات الحوثية على الانخراط في مسار السلام من أجل وقف الحرب وإنهائها، وهو ما تسبّب في تعقد الأزمة وتكبيد المدنيين كثيرًا من الأثمان الفادحة.